ثم و «تتلو» تنفي كل ائتمام بأي كتاب قبل القرآن ، قراءة وإقراء وتعلّما وتفهّما ، وعلى الجملة سلبية التلاوة له مطلقة محلّقة على كل تلاوة قالبية أو قلبية ، والأولى تعم تلاوة السمع والبصر واللسان ، وتلاوته بيمنه وهي الكتابة ، وقد أفردت بالذكر بعد التعميم لأنها من المصاديق الخفية للتلاوة.
والثانية تعم التلاوة العقلية والقلبية ، ومن ثم التلاوة التطبيقية.
إذا فسلبية التلاوة كما تحلّق على كل كتاب قبل القرآن ، كذلك تحلّق على كل ائتمام واتباع لكتاب قبله ، فقد كان منفصلا عن كل كتاب تلاوة له وخطا بيمنه «إذا» لو كان يتلوا ويخط من قبله من كتاب (لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) لحجة القرآن علّه مما تلاه من كتاب فجمعه خطا بيمينه كتابا سماويا كما يهرفه الخارفون أنه جمعه من كتابات السماء ، ام كتابا أرضيا ، كما يتقوله آخرون (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٢٥ : ٥) ، ولما ذا «بيمينه» والكتابة بطبيعة الحال تكون «بيمينه»؟ علّها تعني ـ إضافة إلى يمين الجارحة وهي المتعودة للكتابة ـ تعني يمين القدرة ، فلم يكن بمستطاعه أي كتب لأي كتاب سواء في سجلات القراطيس وأشباهها ، ام في سجلات خاطراته المقدسة لو سمع شيئا من كتاب ، وهكذا كان محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منذ أن كان فطيما حتى أنزل عليه القرآن ، لم تعرف منه أية تلاوة عن كتاب أم عن ظهر الغيب ، ولا مراجعة إلى أيّ من أهل الكتاب ولا مدراسة لوحي الكتاب وسواه ، ومن هنا نتلمح كصراح أنه ما كان يتّبع شرعة تقليدية من ذي قبل ، حيث السلبية المطلقة لتلاوة اي كتاب من قبل تنفي كل ائتمام واتباع لأي كتاب ، فاتباع كتاب الشرعة يتطلب قراءته ، او اقراءه لمن لا يقرءه ، حتى يتطلع إلى فرائضه ومحاظيره ، (وَما كُنْتَ تَتْلُوا) تستأصل أية قراءة وابتّاع ، أن لم يأتمّ بأي كتاب ولا أي صاحب كتاب ، فما قلد محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل القرآن أية شرعة