«آيات» تدلنا بنفسها على انها إلهيات «بينات» الدلالات على ذلك : (فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : ما به يميز الآية عن سواها ، سواء في ذلك علم الكتاب كما لأهل الكتاب ، أم علم لغة الكتاب كما لسواهم كالمشركين وسواهم ، العارفين لغة الكتاب ، وحتى غير العارفين حين يترجم لهم الكتاب ، فالفطرة والعقلية السليمة تكفيان للإتقان أنها آيات الله ، مهما اختلفت درجاته حسب درجات (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) وأعلاهم هو الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمة أهل بيته عليهم السلام ، فكما آياته لهم بينات الدلالة على إلهيتها ، كذلك هي بينات الدلالة على مداليلها فإنهم هم الراسخون في العلم في بعدي الدلالة والتدليل للقرآن العظيم ثم «بينات» تحلّق على كل بينة في كافة الحقول المعرفية ، بينات الدلالة وبينات التدليل لأعلى القمم العالية الكافية لمن يتحرى عن هدى.
فلا يختص (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) بالرعيل الأعلى من أهل بيت الرسالة المحمدية صلوات الله عليهم أجمعين ، حيث القصد هو العلم الذي يكون ذريعة للحصول على بيّنات الكتاب وهو درجات بين العبارة والإشارة واللطائف والحقايق ، فقد تكفي العبارة وهي المعاني المطابقية الترجمانية الساذجة ، دليلا على بينات آياته.
و (أُوتُوا الْعِلْمَ) يعم العلم الفطري والعقلي المؤتيان لكل مكلّف ، والعلم التعقلي المؤتى لمن يطلبه بتفكير أو دراسة ، وعلم الإلهام ثم علم الوحي المؤتيان للآهلين لهما على درجاتهم ، فالعلم أيا كان طبيعته الكشف عن الحق ، فبقدر العلم المستخدم لتفهّم الكتاب (هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ) درجات حسب الدرجات ، ان استعمل العلم في صالحه كشفا عن الحق المرام.
(بَلْ هُوَ آياتٌ ... فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) وهم منازل وحي