البيوت ، تدليلا على أن بيت الإشراك بالله والإلحاد في الله هو أهون من بيت العنكبوت (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
ملامح السورة ومصارحها بمسارحها تشهد انها مدنية كلها ، والجهاد لا تختص بالقتال حتى تتخذ آياته فيها دليل أنها مدنية ـ فإن المؤمن حياته الجهاد كما تقتضيه ظروفه ـ فإنما الدلالة الجامعة من جو السورة أنها نزلت في غضون الهجرة وهي أحرج الحالات للنبي والذين آمنوا معه.
تتخلل السورة من مطلعها إلى ختامها إيقاعات عميقة المدى ، قوية الصدى حول حق الإيمان ، وباطل الكفر ، مما تهزّ الإنسان هزا وتفزه فزا ابتلاء صارما أمام تكاليف الايمان وقضاياه ورزاياه وعقباته الكئودة الملتوية من المتربصين دوائر السوء ضده وضد كتلة الإيمان.
فقد ابتدأت بإيقاعه ما أقواها : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ..) واختتمت بما يقضي على كل العراقيل في سبيل الله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) وبينهما عرض لمصارع المجاهدين والجاحدين ـ واين مصارع من مصارع ـ؟ وعرض لما يتوجب على كتلة الإيمان أمام كتلة الكفر والنكران.
لقد سبق في أخريات القصص وعد ردّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى معادة ، وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصمود في الدعوة سلبيا وإيجابيا ، مما قد يبهّج سواذج المؤمنين ، فهنا العنكبوت تحمّلهم شاقة التكاليف في هذه السبيل الشاقة الطويلة ، بينهم وبين فتح مكة ، في عشرة كاملة ، ومن ثم إلى يوم الرجعة وإلى يوم القيامة الكبرى أن نعيش حياة الجهاد في سبيل الله صامدين غير خامدين.
(الم)(١)
وهذه مكرورة مرات خمس ، مرة يتيمة في مدنية : البقرة ، وأربعا في