حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٩ : ١٠).
وترى إذا المخاطبون هنا هم (عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) فهم عابدون ـ إذا ـ ومتقون ، فكيف يؤمرون بهما؟
ذلك لأن ارض الكفر والفسق تضيّق عليهم مجالات الإيمان وجلوات أعمال الإيمان ، فإذا استمروا فيها يقلّ فيهم الإيمان وعمل الايمان ، فليهاجروا منها إلى أرض اخرى بإمكانهم فيها ان يستمروا في الايمان والعبادة والتقى ، ام وزيادة فيها.
ثم وقد يصح امر المؤمن بالايمان ويعني مزيده على أيّة حال ك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ...). وعلى الجملة (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) لعبادي ، فلا تضيق بكم بما رحبت ، فلا عذر لكم في المضايق إذ ضيّقت ما دام الفرار إلى غيرها ميسور ، وهو قطعا ميسور ، وأدناه الفرار إلى الأقل مضايقة : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً. إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً. فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً. وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٤ : ١٠٠) ، وقد يروى عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا فأقم» (١) ، وهنا نتأكد من الحصر في (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) متفرعا على «ان
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٤٩ ـ اخرج احمد عن الزبير بن العوام قال قال رسول الله (صلّى