عرض له التفرق ، فإن ذلك كان متفرقا منحلا فى الخل ولا أجزاء مشفة صغارا (١) جدا تدانت وتقاربت ، بل إن كان ولا بد فقد ازدادت فى ماء القلى نفرقا ولا أيضا خالطها هواء من (٢) خارج بوجه من الوجوه ، بل ذلك على سبيل الاستحالة ، فليس كل تولد بياض فيما أحسب (٣) على الصفة المذكورة.
ولو لم (٤) يكن البياض إلا ضوءا والسواد إلا ما قيل ، لم يكن تركيب السواد والبياض إلا آخذا مسلكا واحدا. بيان (٥) هذا أن البياض يتجه إلى السواد قليلا قليلا من طرق ثلاثة : أحدها طريق (٦) الغبرة وهو الطريق الساذج ، فإنه إذا كان السلوك ساذجا يتوجه (٧) إلى الغبرة ثم منها إلى العودية ، ثم كذلك حتى اسود. فيكون سالكا طريقا لا يزال يشتد فيه السواد وحده يسيرا يسيرا حتى (٨) يمحض. والثاني الطريق الأخذ إلى الحمرة ، ثم إلى القتمة ، (٩) ثم إلى السواد. والثالث الطريق الآخذ إلى الخضرة ، ثم إلى النيلية ، ثم إلى السواد. وهذه الطرق إنما يجوز اختلافها ، لجواز اختلاف ما تتركب عنه الألوان المتوسطة. فإن لم يكن إلا بياض وسواد ، ولم يكن أصل البياض إلا الضوء وقد استحال ببعض هذه الوجوه ، لم (١٠) يمكن فى تركيب البياض والسواد إلا الأخذ فى طريق واحد لا يقع الاختلاف إلا (١١) فيه (١٢) وقوعا بحسب النقص والاشتداد فيه فقط ، ولم تكن طرق مختلفة. فإن كانت طرق مختلفة ، (١٣) فيجب أن يكون شوب من غير البياض والسواد مع أن يكون شوبا من مرئى وليس فى الأشياء شىء يظن أنه مرئى ، وليس سوادا ولا بياضا ولا مركبا منهما إلا الضوء عند من يجعل الضوء شيئا غيرهما. فإن بطل مذهبه امتنع استحالة الألوان فى طرق شتى ، وإن أمكنت (١٤) هذه الاستحالة
__________________
(١) صغارا : صغار م.
(٢) من (الأولى) : ساقطة من م.
(٣) أحسب : حسب ك.
(٤) ولو لم : ولم م.
(٥) بيان : بأن م.
(٦) الطريق : طريق م.
(٧) يتوجه : + منها ك ، م.
(٨) حتى : ساقطة من م.
(٩) القتمة : القيمة م.
(١٠) لم : ولم ك.
(١١) إلا فيه : فيه إلا ك
(١٢) إلا : ساقطة من م.
(١٣) فإن ... مختلفة : ساقطة من م.
(١٤) أمكنت : أمكنه م.