ارتباطا وثيقا بذلك النسق.
وحين حل الصفار بالبلاط السلطاني ، لم يلحق بمجموعة الكتاب المتخصصين في تحرير المراسلات المخزنية ، بل أسند إليه السلطان مولاي عبد الرحمن مهمة السهر على تربية أفراد الأسرة السلطانية وتعليمهم ، ومن بينهم الأمير مولاي الحسن ، الذي أصبح فيما بعد سلطانا على المغرب كما هو معلوم. وبالمقابل ، فإن الصفار قد كانت «مونته تأتيه من طعام مولانا عبد الرحمن رحمهالله من داره السعيدة صباحا ومساء». وفي أعقاب ذلك ، أصبح الصفار بصفة تدريجية قريبا من أفراد الأسرة السلطانية ، ولم يمض سوى وقت ضئيل حتى ظهرت مواهبه واتضحت معالمها ، فتطورت العلاقات بين الطرفين على الشكل التالي :
«وكان السلطان نفسه يحضر مجلسه حالة تلك القراءة مع الشرفاء (يعني أبناء السلطان وأحفاده) ، ويقدمه للصلاة إذا لم يحضر الإمام الراتب. ويستغرق معه جل الأوقات في المذاكرة في العلوم. وكان يكتب لجلالته المكاتيب الخاصة. فكان وظيفه لدى السلطان المذكور كأنه السكرتير الخاص الذي يباشر الأعمال التي لا ينبغي أن يطلع عليها إلا من كان كامل الأمانة موضعا لكامل الثقة» (١).
وبعد أن تحول الصفار من مدرس إلى كاتب خاص يتمتع بثقة السلطان الخاصة ، انتهى به المطاف إلى الارتقاء لمنصب الصدر الأعظم في السنوات الأخيرة من حكم السلطان مولاي عبد الرحمن ، وهو أعلى المراتب التي يمكن أن يطمح إليها موظف مخزني (٢). وكانت مهمته الجديدة تتمثل في الجلوس إلى جانب السلطان ، والعمل على تنفيذ أوامره ، والبقاء على اتصال مستمر عن طريق المراسلة ، مع جميع الموظفين المخزنيين من المستويات المحلية. وعلى الرغم من أن العلاقات بين السلطان ووزيره قد تختلف حسب الظروف ، فإن هنالك نقطة أساسية واضحة تماما ، وهي أن الصدر الأعظم لا بد من أن يتمتع بثقة السلطان الكاملة حتى يمكنه البقاء في منصبه. ومن الأمور المثيرة المعبرة عن خصوصيات محمد الصفار ، صموده الطويل الأمد وبقاؤه مدة
__________________
(١) تطوان ، ٧ : ٨١ ـ ٩٢.
(٢) ليس هناك إجماع بين المصادر على تاريخ تعيينه ، ويصل الاختلاف الموجود إلى حوالي سنتين ، لأن الصفار كان يقوم بمهام الصدارة العظمى مدة طويلة قبل بداية تعيينه بصفة رسمية. تطوان ، ٧ : ٨١ ـ ٩٢.