(٢)
الطرائق
قامت هذه بخدمات جليلة في التخفيف من وطأة الخشونة التي يتصف بها أهل البداوة ، فكم أثرت على سلوك الكثيرين. وأدت الى نشاط كبير في الاصلاح وأفهمت أن الأركان والفرائض لا يكفي وحدها أن تقوم بالمهمة وإنما يجب معرفة العقيدة من جهة ، واصلاح السريرة من أخرى ، ومراعاة السلوك المرضي والاتصاف بخير الأوصاف المرغوب فيها دينا وعقلا ... فكان أثرها وتأثيرها كبيرين.
ومن المؤسف أن تزيا بالتصوف غير أهله ، ودخل المشعوذون من هذه الطرق المرغوب فيها ، وصاروا يصطادون العوام لما لهم من كسوة الصلاح فإذا كان أصل وجود الطرق مصروفا الى الاصلاح ، فقد دخل في دورة المراسيم أيضا ويلاحظ منهم أعمال أشبه بأداء المفروضات دون تفهم غايتها ، وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ... فساءت الحالة ، وعظم المصاب من هذه بحيث صارت التلقينات باطنية ، موجهة نحو طلب (إصلاح السريرة) ظاهرا ، وعدم الاهتمام بالفروض المقررة شرعا فصارت واسطة اهمال الأمرين ، وعادت أعظم آلة مخربة للدين ، وأقسى عامل لهدم العقيدة ، وتباعد عن السلوك المرضي ... فمال أهلوها الى ظواهر لا تختلف في وضعها من أنها (حركات وسكنات مخصوصة) ، و (دعاوى باطلة) من زعم الوصول ، ومعرفة الحقيقة ، مما منشأه الحلول ، والوحدة ، والاتحاد ...