أمراء الجاف والأوضاع السياسية
بعد معاهدة السلطان مراد لم يعد للجاف ذكر في حوادث العراق إلا قليلا. لأن أمراء (بابان) كانوا قد سيطروا بإمارة عامة على العشائر في لواء شهرزور ومن جملتهم الجاف وربما استعانوا بهم في القضاء على (إمارة بلباس) ، وكانت لا تقل عن الجاف. فاستخدموها أثناء تنازع السلطة بينها وبين بلباس ، كما أن البابانيين توسلوا بقوة الحكومة في أحيان عديدة لقهر بلباس بداعي أن هؤلاء البلباس مفسدون في الأرض بالنهب والسلب ، وكذا كانوا يصاولونهم بالقبائل المجاورة ، فمال البلباس الى إيران ولم يبق منهم في العراق إلا القليل بل تبعثر أمرهم ، وتشتتوا.
أما الدولة فإنها في كل أحوالها تريد التدخل ، وتحاول التسلط بوسائل مختلفة لتقف على الحالة وتنظر إلى ما وراء ذلك مما عزمت على إجرائه بأمل السيطرة على الامارتين معا وهكذا يختلف الوضع بالنظر لآمال كل ، ولكنها أضاعت الرشد في القضاء على البلباس فانفرد البابانيون في السلطة فكانوا في يقظة ، فاستخدموا الجاف من جراء أن قسما منهم في إيران والآخر في العراق للمحاربة بهم والتشويش على الدولتين ليكونوا بنجوة من تسلط إحداهما. فإذا تضايق البابانيون من العراق ، وشعروا بقوة الحكومة مالوا الى إيران ، وهكذا إذا شعروا بقوة إيران مالوا عنها. واستخدموا الجاف على البلباس وعلى غيرها. وهكذا استخدموا قبائل أخرى لعين الغرض ولم يقصروا في تدبير.
مضت إمارة بابان مدة على هذه الوتيرة حتى أخذت الحكومة وضعها