شاهدناه من أمرائهم وقبائلهم ، أو علمناه منهم ومن غيرهم ، وكذا ما قرأناه في مختلف الآثار وليس على المرء أكثر من أن يبذل قدرته. وقد جمعت ـ بقدر الإمكان ـ بين الأمرين المنقول والمشهود في الحال الحاضر. حذرا من الاشتباه في الأعلام سواء في الأشخاص أو في المواطن مما قد يعرض له التحريف والتصحيف ...
ومهما توسعنا في تفصيل هذه القبيلة كان ذلك قليلا ، وهي إمارة قبائلية تتكون من فروع عديدة وطوائف كثيرة منها ما استقرت في ناحية ، وكادت تستقل في فروعها عن غيرها ، بل هي ماضية في هذا السبيل ، وقد حلت محل الأصل ولا يدرك شأن هذه الفروع أو الطوائف إلا من عرفها وأدرك ما أصابها من التشتت او التوزع من جراء ضيق العطن. ومع كل هذا نراها وحدة عظيمة في أجزائها ، ذات شأن مذكور في التاريخ. ويصح ان يقال ان اكبر عامل لانفراط العقد هدوء الحالة بين إيران والعراق ، فليس هناك في العصر الأخير من الطوارئ ما يدعو للوحدة فتوزعت اذ لا توجد ضرورة قاهرة ، ولا حالات مجبرة. والحالة الاجتماعية تابعة لما تقتضيه أوضاعها وحاجاتها. او ما يهدد سلامتها ، فكان لهذا الهدوء مكانته وأثره الكبير في خلود هذه القبائل إلى ما يخدم الحضارة ، ويسهل اتصالاتها التجارية والاجتماعية ...
ومكانة قبائل الجاف والقبائل الأخرى في الحدود مهمة جدا ، وهي مكانة حراسة ومشارفة وقد أكدت العلاقات الجديدة بين إيران والعراق الهدوء اكثر بمراعاة حسن الجوار بين الطرفين ، فكان له أثره في خلود العشائر للراحة والطمأنينة. خصوصا نرى التعاون بين الدولتين بالغا حده في التعاضد للقضاء على الغوائل الداخلية التي تثيرها قبائل الحدود. ومن أمثلة ذلك الفيلية ، وكلهور وغيرهما مما حدث من قضاء على إماراتهم.
ولا يستغرب القارئ فالنصوص التاريخية في مختلف العصور والأيام تبرهن على ما يؤدي بنا حتما إلى لزوم المعرفة الصحيحة ، وإدراك نفسيات القبائل .. وما يقع في الحدود اعتياديا ، وما هو نتيجة إثارة وحركة غير