وفي تفسير الإمام عند قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا) (١) إنّه سئل عليّ بن الحسين عليهالسلام كيف يُعاقب الله ويوبخ هؤلاء الاخلاف على قبائح ما أتاه أسلافهم وهو يقول : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) (٢) ؟
فقال عليهالسلام : إنّ القرآن نزل بلغة العرب فهو يخاطب فيه أهل هذا اللسان بلغتهم ، يقول الرجل التميمي قد أغار قومهم على بلد وقتلوا مَن فيه : أغرتم على بلد كذا وقتلتم كذا ، ويقول العربي أيضاً : نحن قتلنا بني فلان ، ونحن سبينا آل فلان ، ونحن خرّبنا بلد كذا ، لا يُريد أنّهم باشروا ذلك ، ولكن يريد هؤلاء بالعذل ، وأولئك بالامتحان أنّ قومهم فعلوا ذلك فيقول الله في هذه الآيات ، إنّما هو توبيخ لأسلافهم ، وتوبيخ العذل على هؤلاء المرجوفين ، لأنّ ذلك هو اللغة التي نزل القرآن ، فالآن هؤلاء الأخلاف أيضاً راضون بما فعل أسلافهم مصوّبون ذلك لهم فجاز أنْ يُقال : أنتم فعلتم أي إذا رضيتم قبيح فعلهم (٣) .
وهذا صريح في أنّ الراضي بفعل الظالم ظالم مثله ، فكم
من داخل مع قومٍ وهو خارج منهم كالمؤمن من آل فرعون ، وكم من خارج من قوم وهو معهم لرضاه بفعلهم ، كابن عمر وأضرابه ، وحكايته مع يزيد معروفة ككلامه بعد أنْ رأى العهد الذي كتبه أبوه إلى أبيه (٤) ، وفي بعض الأخبار
مَن رضي بفعلٍ فقد
________________________
قال : فقلت له : بأيّ شيء يبدأ القائم فيهم إذا قام ؟ قال : يبدأ ببني شيبة ويقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت الله عزّوجلّ .
١ ـ البقرة : ٦٥ .
٢ ـ الأنعام : ١٦٤ .
٣ ـ راجع تفسير الإمام العسكري ، ج ١ ص ٢٧٢ .
٤ ـ راجع البحار ج ٣٠ ، ص ٢٨٨ ، رقم ١٥١ ، وعوالم
سيّدة النساء فاطمة عليهاالسلام ص ٥٩٩ .