والجاهلية على ما في المجمع : الحالة التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من جهل بالله ورسوله ، وشرائع الدِّين والمفاخرة بالآباء ، والأنساب ، والكبرة ، والتجبر وغير ذلك ، ومنه الحديث إذا رأيتم الشيخ يُحدّث يوم الجمعة بأحاديث الجاهلية فارموا رأسه بالحصىٰ ، وقولهم : كان ذلك في الجاهلية الجهلاء ، وهو توكيد للأوّل يشتقّ له من اسمه ما يؤكّده به (١) . وأنجاس الجاهلية عبارة عن تلك الأحوال المخالفة للشرع المذمومة عند الشارع فالإضافة بيانيّة .
والأنجاس جمع النجس بفتحتين وهو القذر (٢) .
والمراد أنّه لم تتلوّث أذيال عصمته بأرجس الكفر وأنجاس المعاصي ، المدلهمّات : المظلمات . يُقال : ادلهمَّ الليل كاقشعر : أظلم ، وليلة مدلهمة أي مظلمة ، و (مِن) تبعيضيّة ، والجار والمجرور في محلّ النصب ، ليكون مفعولاً ثانياً لتلبسك ، من ألبستُ زيداً جبّةً ، وثياب الجاهلية عبارة عن الأخلاق والحالات الناشئة من الكفر والضلالة وفهي في مقابلة لباس التقوىٰ المشار إليه بقوله تعالى : (وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ) (٣) ففي الكلام استعارة مكنية وترشيحيّة (٤) ، والمراد أنّ الله ألبسه حُلل العلم والمعرفة والسخاوة ، والعلم
________________________
١ ـ مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٤٦ .
٢ ـ المصباح المنير للفيومي ص ٥٩٤ .
٣ ـ الأعراف : ٢٦ .
٤ ـ الاستعارة تنقسم إلى عدّة أقسام منها :
الاستعارة المكنية : وهي ما حُذِفَ فيها المشبَّه به ورُمِزَ له بشيءٍ من لوازمه مثل قوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) شبّه الرأس بالوقود ثمّ حذف المشبه به ، ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو (اشتعل) .