وروي أيضاً : أنّ الله خلق آدم حجّة في أرضه وخليفةً في بلاده لم يخلقه للجنّة وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض ليتمّ مقادير أمر الله فلمّا أهبط إلى الأرض وجعله حجّةً وخليفةً عُصم بقوله عزّوجلّ : (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا) (١) . (٢) فتدبّر ولا تغفل .
والتحقيق أنّ معاصي الأنبياء ليست من قبيل المعاصي المتعارفة المعروفة بل هي من قبيل ما أُشير إليه بقوله : (حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين) (٣) ، وقد فصّلنا هذا الإجمال وشرحنا هذا المقال في بعض رسائلنا الشريفة .
________________________
ولم يكن آدم وحواء شاهداً قبل ذلك من يحلف بالله كاذباً (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ، وكان ذلك من آدم قبل النبوّة ، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النار ، وإنّما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلمّا اجتباه الله وجعله نبيّاً كان معصوماً ، لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله عزّوجلّ : (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ) وقال الله عزّوجلّ : (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) .
١ ـ آل عمران : ٣٣ .
٢ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام للصدوق ج ١ ، ص ١٧١ ، الباب الرابع عشر ط : قم ، الشريف الرضي . وهذه الرواية جواب لسؤالٍ وجّهه إليه عليهالسلام عليّ بن محمّد بن الجهم بعدما سأله عن عصمة الأنبياء عليهمالسلام ثمّ قال له : وأمّا قوله عزّوجلّ في آدم : (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ) . فأجابه الإمام عليهالسلام بالرواية المذكورة في المتن .
٣ ـ البحار : ج ٢٥ ، ص ٢٠٤ ، ح ١٦ .