تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ) (١) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ولم يقل لهما ولا تأكلا من هذه الشجرة ولا ممّا كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة وإنّما أكلا من غيرها لمّا أن وسوس الشيطان إليهما ، ثمّ قال : وكان ذلك من آدم قبل النبوّة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النار ، وإنّما كان من الصغار الموهوبية التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي إليهم ، فلمّا اجتباه الله وجعله نبيّاً وكان معصوماً لا يذنب صغيرة ولا كبيرة قال : قال الله : (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ) (٢) وقال : (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا ... (٣)) (٤) .
________________________
١ ـ البقرة : ٣٥ .
٢ ـ طه : ١٢١ و ١٢٢ .
٣ ـ آل عمران : ٣٣ .
٤ ـ أخرج هذه الرواية الشيخ الجليل الصدوق في كتابه عيون أخبار الرضا ج ١ ، ص ١٧٤ الباب الخامس عشر ط : الشريف الرضي ، قم .
ولكن الشارح رحمهالله ما أوردها بتمامها وإليك نصّها : عن عليّ بن محمّد بن الجهم ، قال : حضرتُ مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى عليهماالسلام ، فقال له المأمون : يابن رسول الله أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزّوجلّ : (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ) فقال عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى قال لآدم : (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ، (فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) ، ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة ولا ممّا كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ولم يأكلا منها ، وإنّما أكلا من غيرها ، لمّا أن وسوس الشيطان إليهما وقال : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ) وإنّما ينهيكما أن تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها (إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) .