مع غيره ، فالماهيّة القديمة الوجود تحتاج إلى العلّة بما هي ممكنة ، كالماهيّة الحادثة الوجود ، والوجود الدائم مفاض عليها كالوجود الحادث. وأمّا الماهيّة الموجودة بما أنّها موجودة فلها الضرورة بشرط المحمول ، والضرورة مناط الغنى عن العلّة ، بمعنى أنّ الموجودة (١) بما أنّها موجودة لا تحتاج إلى موجوديّة اخرى تطرأ عليها (٢). على أنّ مرادهم من الحدوث ـ الّذي اشترطوه في الحاجة ـ الحدوث الزمانيّ ، الّذي هو كون الوجود مسبوقا بعدم زمانيّ. فما ذكروه منتقض بنفس الزمان ، إذ لا معنى لكون الزمان مسبوقا بعدم زمانيّ (٣). مضافا إلى أنّ إثبات الزمان قبل كلّ ماهيّة إمكانيّة إثبات للحركة الراسمة للزمان ، وفيه إثبات متحرّك تقوم به الحركة ، وفيه إثبات الجسم المتحرّك والمادّة والصورة. فكلّما فرض وجود لماهيّة ممكنة كانت قبله قطعة زمان ، وكلّما فرضت قطعة زمان كانت عندها ماهيّة ممكنة ، فالزمان لا يسبقه عدم زمانيّ.
وأجاب بعضهم (٤) عن النقض بأنّ الزمان أمر اعتباريّ وهميّ لا بأس بنسبة القدم إليه ، إذ لا حقيقة له وراء الوهم.
وفيه : أنّه هدم لما بنوه من إسناد حاجة الممكن إلى حدوثه الزمانيّ ، إذ الحادث والقديم عليه واحد.
وأجاب آخرون (٥) بأنّ الزمان منتزع عن وجود الواجب تعالى ، فهو من صقع
__________________
(١) أي : الماهيّة الموجودة.
(٢) وفي النسخ : «بمعنى أنّ الموجود بما أنّها موجودة لا يحتاج إلى موجوديّة اخرى تطرأ عليه». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) وإلّا يستلزم وجود الزمان حال عدمه ، وهو اجتماع النقيضين.
(٤) ولعلّ مراده من «بعضهم» هو بعض من المتكلّمين القائلين بالزمان المتوهّم الّذي لا فرد يحاذيه ولا منشأ لانتزاعه. وتعرّض لهذا القول الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة وتعليقته عليه : ٨٢ ، وفي تعليقته على الأسفار ٣ : ١٤٢.
(٥) ولعلّ مراده هو المتكلّمون القائلون بالزمان الموهوم الّذي لا فرد يحاذيه وإن كان منشئا لانتزاعه ويكون منشأ انتزاعه هو بقاء الواجب بالذات. وتعرّض لهذا القول أيضا ـ