الذهنيّ من حيث قيامه بالنفس قيام العرض بموضوعه لصدق حدّ الكيف عليه.
وأمّا العلم الحضوريّ فهو حضور المعلوم بوجوده الخارجيّ عند العالم ، والوجود ليس بجوهر ولا عرض.
والعلم الّذي هو من الكيف مختصّ بذوات الأنفس. وأمّا المفارقات فقد تقدّم (١) أنّ علومها حضوريّة غير حصوليّة ، غير أنّ العلوم الحصوليّة الّتي في معاليلها حاضرة عندها ، وإن كانت هي أيضا بما أنّها من صنعها حاضرة عندها.
ومن هذا الباب الخلق ، وهو الملكة النفسانيّة الّتي تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير رويّة (٢). ولا يسمّى خلقا إلّا إذا كان عقلا عمليّا هو مبدأ الأفعال
__________________
ـ الحصوليّ ثلاثة أشياء :
١ ـ الصورة الحاصلة من الشيء عندنا الّتي معلومة لنا بالعلم الحضوريّ.
٢ ـ الانفعال الحاصل فينا بحصول تلك الصورة لخروجنا به من النقص إلى الكمال ومن القوّة إلى الفعل.
٣ ـ إضافة بين تلك الصورة الحاصلة وبين ما يطابقها ويحكيها ، أعني المعلوم بالعرض.
فمن قال بأنّ العلم من مقولة الكيف نظر إلى نفس تلك الصورة القائمة بالذهن الّتي وجودها في نفسها عين وجودها لدى الذهن. فهي كيف أي (عرض لا يقبل القسمة ولا النسبة بالذات) ونفسانيّ (أي قائم بالنفس ، متقوّم به ، قيام العرض بالموضوع).
ومن قال بأنّه من مقولة الانفعال نظر إلى الانفعال الحاصل منه للنفس.
ومن قال إنّه من مقولة الإضافة نظر إلى الإضافة الّتي بينها وبين المعلوم بالعرض.
والتحقيق : أنّ العلم من مقولة الكيف ، لأنّه نفس تلك الصورة. وإنّما الانفعال والإضافة حاصلان بحصولها ، فيكون إطلاق العلم عليهما من باب اشتباه ما بالعرض إلى ما بالذات». درر الفوائد ١ : ٤١٣.
(١) لم يقدّم ، بل سيأتي في الفصل الأوّل والحادي عشر من المرحلة الحادية عشرة.
(٢) عرّفه الجمهور من الفلاسفة والمتكلّمين بأنّه ملكة تصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير تقدّم فكر ورويّة. راجع الأسفار ٤ : ١١٤ ، وشرح المقاصد ١ : ٢٤٣ ؛ والمباحث المشرقيّة ١ : ٣٨٥.
وهذا التعريف أصحّ ممّا ذكره المصنّف رحمهالله في المقام ؛ فإنّ الملكة النفسانيّة ليست إلّا ـ