بما أنّه ملائم. والألم إدراك المنافي بما أنّه مناف. فهما من الكيف بما أنّهما من سنخ الإدراك (١).
وينقسمان بانقسام الإدراك ، فمنهما حسّيّ وخياليّ وعقليّ. فاللذّة الحسّيّة كإدراك النفس الحلاوة من طريق الذوق ، والرائحة الطيّبة من طريق الشمّ. واللذّة الخياليّة إدراكها الصورة الخياليّة من بعض الملذّات الحسّيّة. واللذّة العقليّة إدراكها بعض ما نالته من الكمالات الحقّة العقليّة. واللذّة العقليّة أشدّ اللذائذ وأقواها لتجرّدها وثباتها. والألم الحسّيّ والخياليّ والعقليّ على خلاف اللذّة في كلّ من هذه الأبواب.
__________________
ـ والنجاة : ٢٤٥. وتبعه المشهور من المحقّقين. ولكن عدل عنه في الإشارات ، فقال : «إنّ اللذّة هي إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك كمال وخير من حيث كذلك. والألم هو إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك آفة وشرّ».
وقال المحقّق الطوسيّ : «وهذا أقرب إلى التحصيل من قولهم : (اللذّة إدراك الملايم ، والألم إدراك المنافي). ولذلك عدل الشيخ منه إلى ما ذكره في هذا الموضع». راجع شرح الإشارات ٣ : ٣٣٧ ـ ٣٣٩.
وفي المقام قول آخر منسوب إلى محمّد بن زكريا الرازيّ الطبيب ، وهو : أنّ اللذّة عبارة عن الخروج عن الحالة الغير الطبيعيّة ، والألم عبارة عن الخروج عن الحالة الطبيعيّة. راجع المباحث المشرقيّة ١ : ٣٨٧ ، والأسفار ٤ : ١١٧ ، وشرح المقاصد ١ : ٢٤٤.
وتعرّض لهذا القول المحقّق الطوسيّ ـ كما في كشف المراد : ٢٥١ ـ حيث قال : «وليست اللذّة خروجا عن الحالة الغير الطبيعيّة» انتهى كلامه على ما في بعض نسخ التجريد. والموجود في بعضها الآخر بهذه العبارة : «وليست اللذّة خروجا عن الحالة الطبيعيّة». ولمّا كان هذا الكلام ردّا على الرازيّ فيستفاد منها أنّه قال : «اللذّة عبارة عن الخروج عن الحالة الطبيعيّة ، والألم عبارة عن الخروج عن الحالة الغير الطبيعيّة» ، ولذا نسب شيخنا العلّامة حسن زاده الآملي العبارة الاولى إلى التحريف ؛ وأمّا المحقّق اللاهيجيّ والشارح القوشجيّ نسبا العبارة الثانية الى سهو من القلم. راجع كلامهم في كشف المراد : ٢٥١ و ٥٧٣ ، وشوارق الإلهام : ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ٢٧٨.
(١) ولا يخفى أنّه على فرض كونهما من سنخ الإدراك فهما قسمان من العلم ، ولا يصحّ عدّهما نوعا آخر من الكيف النفسانيّ وقسيما للعلم.