[والفرق بين المضاف الحقيقيّ والمشهوريّ]
ثمّ إنّه ربّما يطلق المضاف ويراد به نفس المقولة ويسمّى عندهم ب «المضاف الحقيقيّ» وربّما يطلق ويراد به موضوع المقولة. وربّما يطلق ويراد به الموضوع والعرض جميعا ويسمّى «المضاف المشهوريّ». فإنّ العامّة ترى أنّ المضاف إلى الأب (١) مثلا هو الإنسان المتلبّس بالبنوّة ، والحال أنّ التعلّق من الجانبين إنّما هو للإضافة نفسها بالحقيقة.
البحث الثالث : [في أنّ الإضافة موجودة في الخارج]
الإضافة موجودة في الخارج (٢) ، والحسّ يؤيّد ذلك ، لوقوعها (٣) على أنواع من الإضافات الخارجيّة الّتي لها آثار عينيّة لا يرتاب فيها ، كإضافة الأب والابن ، والعلوّ والسفل ، والقرب والبعد ، وغير ذلك.
وأمّا نحو وجودها فالعقل ينتزع لكلّ من الموضوعين الواجدين للنسبة المتكرّرة المتلازمة وصفا ناعتا له (٤) انتزاعا من غير ضمّ ضميمة ، فهي موجودة بوجود موضوعها من دون أن يكون بإزائه وجود منحاز مستقلّ.
قال في الأسفار ـ بعد كلام له في هذا المعنى ـ : «وبالجملة إنّ المضاف ـ بما هو مضاف ـ بسيط ، ليس له وجود في الخارج مستقلّ مفرد ، بل وجوده أن يكون لاحقا بأشياء كونها بحيث يكون لها مقايسة إلى غيرها ، فوجود السماء في ذاتها وجود الجواهر ، ووجودها بحيث إذا قيس إلى الأرض عقلت الفوقيّة
__________________
(١) وفي النسخ : «الابن». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) هذا مذهب أكثر الحكماء ، كالشيخ الرئيس في الفصل العاشر من المقالة الثالثة من إلهيّات الشفاء. وذهب جمهور المتكلّمين وبعض الحكماء إلى أنّه لا تحقّق لها في الخارج ، بل إنّها من الاعتبارات الذهنيّة الكلّيّة ، ومنهم المحقّق الطوسيّ ، حيث قال : «وثبوته ذهنيّ» واستدلّ عليه بوجوه ، راجع كشف المراد : ٢٥٨ ـ ٢٦٠ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ٢٨٨ ، وشوارق الإلهام : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.
(٣) هذا هو الصحيح ، بخلاف ما في النسخ من قوله : «لوقوعه».
(٤) وفي النسخ : «ينتزع من الموضوعين» و «ناعتا لهما». والصحيح ما أثبتناه.