بعض مصاديقه إلى بعض ، فيساوق الموجود ويعمّ مصاديقه من واحد وكثير ، واعتباره بقياس بعض مصاديقه إلى بعض ، فهناك مصاديق لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام ما يوجد في مصاديق اخر ، كالعشرة الّتي لا يوجد فيها من معنى عدم الانقسام ما يوجد في الواحد وإن كان فيها ذلك إذا قيس إلى العشرات. فالكثير الّذي ليس بالواحد هو المقيس من حيث هو مقيس ، والّذي يقابله هو الواحد بالاعتبار الثاني ، وأمّا الواحد بالاعتبار الأوّل فهو يعمّ الواحد والكثير القسيمين جميعا.
ونظير ذلك انقسام مطلق الموجود إلى ما بالقوّة ، وما بالفعل مع مساوقة ما بالفعل لمطلق الموجود ، وانقسام الوجود إلى ذهنيّ وخارجيّ تترتّب عليه الآثار ، مع مساوقة الخارجيّ المترتّب عليه الآثار لمطلق الوجود. فكلّ ذلك من الاختلافات التشكيكيّة الّتي لحقيقة الوجود المشكّكة.
ونظير هذا التوهّم ما ربّما يتوهّم (١) أنّ الوحدة من المعاني الانتزاعيّة العقليّة ، ولو كانت حقيقة خارجيّة لكانت لها وحدة ، ولوحدتها وحدة ، وهلمّ جرّا ، فيتسلسل.
ويدفعه (٢) : أنّ وحدتها عين ذاتها ، فهي واحدة بذاتها ؛ نظير ما تقدّم في الوجود (٣) أنّه موجود بذاته من غير حاجة إلى وجود زائد على ذاته.
__________________
ـ بواحد» لكن لا تهافت بين هذه النتيجة وبين قضيّة «كلّ موجود فهو واحد» فإنّ المسلوب في النتيجة هو الواحد بالاعتبار الثاني ، بينما أنّ المراد من الواحد في القضيّة هو الواحد بالاعتبار الأوّل.
وإن كان المراد من الوحدة في الكبرى هو الوحدة بالاعتبار الأوّل فكانت الكبرى كاذبة ممنوعة ، لما مرّ من أنّ كلّ موجود من حيث وجوده واحد ، حتّى الكثير ، فلم ينتج النتيجة المذكورة ، حتّى يناقض قولهم : «كلّ موجود فهو واحد».
(١) كما توهّمه الشيخ الإشراقيّ في المطارحات : ٣٨٥ ، وحكمة الإشراق : ٦٨. وتبعه المحقّق الطوسيّ في تجريد الاعتقاد على ما في شوارق الإلهام : ١٨٣ ، وكشف المراد : ١٠٠ ـ ١٠١. وتعرّض له الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٨٥.
(٢) كذا دفعه الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٨٦. وتبعه صدر المتألّهين في الأسفار ٢ : ٨٩.
(٣) راجع الفصل الثاني من المرحلة الاولى.