العدم ـ بما أنّه مفهوم أخصّ من مطلق العدم مأخوذ فيه العدم ـ نوع من العدم ، وبما أنّ للعدم المضاف إليه ثبوتا مفروضا يرفعه العدم المضاف ـ رفع النقيض للنقيض ـ يقابله العدم المضاف.
وبمثل ذلك يندفع ما اورد (١) على قولهم : «المعدوم المطلق لا يخبر عنه» بأنّ القضيّة تناقض نفسها ، فإنّها تدلّ على عدم الإخبار عن المعدوم المطلق ، وهذا بعينه خبر عنه.
ويندفع بأنّ المعدوم المطلق بما أنّه بطلان محض في الواقع لا خبر عنه ، وبما أنّ لمفهومه ثبوتا مّا ذهنيّا يخبر عنه بأنّه لا يخبر عنه فالجهتان مختلفتان. وبتعبير آخر : المعدوم المطلق بالحمل الشائع لا يخبر عنه ، وبالحمل الاوّليّ يخبر عنه بأنّه لا يخبر عنه (٢).
وبمثل ما تقدّم أيضا يندفع الشبهة (٣) عن عدّة من القضايا توهم التناقض ؛ كقولنا : «الجزئيّ جزئيّ» وهو بعينه كلّيّ يصدق على كثيرين. وقولنا : «اجتماع النقيضين ممتنع» وهو بعينه ممكن موجود في الذهن ، وقولنا : «الشيء إمّا ثابت في الذهن أو لا ثابت فيه» واللا ثابت في الذهن ثابت فيه ، لأنّه معقول موجود
__________________
ـ فلا تناقض بين القضيّتين ، لأنّ الموضوع في إحداهما ـ وهو عدم العدم بالحمل الأوّلي ـ غير الموضوع في الاخرى ـ وهو عدم العدم بالحمل الشائع ـ.
(١) أورده عليه الكاتبي في حكمة العين ، فراجع إيضاح المقاصد في شرح حكمة عين القواعد : ٢٧. وتعرّض له أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٢٣٩ و ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، وفي شرح المطالع : ١٣٤ ، وشرح المنظومة : ٥١ ، وكشف المراد : ٦٨ ، وشوارق الإلهام : ١٢١ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ٥٥ ، وشرح المقاصد ١ : ٩٢.
(٢) فالتهافت هنا أيضا يرتفع باختلاف الموضوع ، فيقال ، «المعدوم المطلق بالحمل الشائع لا يخبر عنه» أي مصداق المعدوم المطلق لا يخبر عنه ، حيث لا مصداق له حتّى يخبر عنه.
ويقال : «المعدوم المطلق بالحمل الأوّليّ يخبر عنه بأنّه لا يخبر عنه» أي مفهوم المعدوم المطلق الّذي ثبت في الذهن يخبر عنه بأنّه لا يخبر عنه ، فلا تناقض بينهما.
(٣) تعرّض لها صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٤ ، والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ٥٢ ـ ٥٣.