فقال : يا بنىّ إنّى قد كفيتك الرّحلة والترحال ووطأت لك الأشياء وذلّلت لك الاعداء وأخضعت لك أعناق العرب وجمعت لك من جمع واحد وانّى لا أتخوّف أن ينازعك هذا الامر الذي استتبّ لك إلّا أربعة نفر من قريش الحسين بن على وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرّحمن بن أبى بكر ، فأمّا عبد الله بن عمر فرجل قد وقذته العبادة واذا لم يبق أحد غيره بايعك.
أما الحسين بن على فإنّ أهل العراق لن يدعوه حتّى يخرجوه فان خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه ، فانّ له رحما ماسّة وحقّا عظيما ، وأما ابن أبى بكر فرجل ان رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم ليس له همة الّا فى النساء واللهو ، وأما الّذي يجثم لك جثوم الاسد ويراوغك مراوغة الثعلب فاذا أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فان هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا.
قال هشام قال عوانة : قد سمعنا فى حديث آخر أن معاوية لما حضره الموت وذلك فى سنة ستّين وكان يزيد غائبا فدعا بالضحّاك بن قيس الفهرى ـ وكان صاحب شرطته ومسلم بن عقبة المرّى فأوصى إليهما ، فقال : بلغا يزيد وصيّتى انظر أهل الحجاز فإنّهم أصلك فأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب وانظر أهل العراق ، فان سألوك أن تعزل عنهم كلّ يوم عاملا فافعل ، فانّ عزل عامل أحبّ الىّ من أن شهر عليك مائة ألف سيف.
وانظر أهل الشام فيكونوا بطانتك وعيبتك فان نابك شيء من عدوّك فانتصر بهم ، فاذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم فانّهم ان أقاموا بغير بلادهم أخذوا بغير أخلاقهم ، وانى لست أخاف من قريش الّا ثلاثة : حسين بن على ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، فأمّا ابن عمر فرجل قد وقذه الدين فليس ملتمسا شيئا قبلك.
أمّا الحسين بن على فانّه رجل خفيف وأرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه و