لكأنّك لست من هذه الامة وليسوا منك أولست قاتل الحضرمى الذي كتب إليك فيه زياد أنّه على دين على ودين ابن عمه صلىاللهعليهوآله أجلسك مجلسك الّذي أنت فيه.
لو لا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين : رحلة الشتاء والصيف فوضعها الله عنكم بنا منّة عليكم وقلت فيما قلت : لا ترد هذه الامة فى فتنة وإنّى لا أعلم لها فتنة أعظم من امارتك عليها وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ولامّة محمّد وانّى والله ما أعرف أفضل من جهادك فان أفعل فانّه قربة الى ربّى وإن لم أفعله فاستغفر الله لدينى وأسأله التوفيق لما يحبّ ويرضى.
قلت فيما قلت : متى تكدنى أكدك فكدنى يا معاوية فيما بدا لك فلعمرى لقديما يكاد الصالحون وانّى لارجو أن لا تضرّ الّا نفسك ولا تمحق الّا عملك فكدنى ما بدا لك واتّق الله يا معاوية واعلم أنّ لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها واعلم أنّ الله ليس بناس لك قتلك بالظنّة وأخذك بالتهمة وامارتك صبيا يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك وأهلكت دينك وأضعت الرعيّة والسلام (١).
٩ ـ عنه قال : حتّى اذا كان بالجرف لقيه الحسين بن على وعبد الله بن عباس فقال معاوية مرحبا بابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وابن صنو أبيه ثم انحرف إلى الناس فقال : هذان شيخا بنى عبد مناف وأقبل عليهما بوجهه وحديثه ، فرحب وقرب ، وجعل يواجه هذا مرّة ويضاحك هذا أخرى ، حتّى ورد المدينة فلمّا خالطها لقيته المشاة والنساء والصبيان يسلمون عليه ويسايرونه إلى أن نزل فانصر فاعنه فمال الحسين الى منزله ومضى عبد الله بن عباس الى المسجد فدخله.
وأقبل معاوية ومعه خلق كثير من أهل الشام حتى أتى عائشة أمّ المؤمنين
__________________
(١) الامامة والسياسة : ١٥٥.