عليهم ولا دفنّاهم (١).
١١ ـ قال ابن أبى الحديد : قالوا : ومن هذا الباب ما روى أنّ الحسين بن على عليهماالسلام كلّم معاوية فى أمر ابنه يزيد ، ونهاه عن أن يعهد إليه ، فأبى عليه معاوية حتّى أغضب كلّ واحد منهما صاحبه ، فقال الحسين عليهالسلام فى غضون كلامه أبى خير من أبيه ، وأمّى خير من أمّه ، فقال معاوية : يا ابن أخى : أمّا أمّك فخير من أمّه ، وكيف تقاس امرأة من كلب بابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله! وأمّا أبوه فحاكم أباك الى الله تعالى ، فحكم لابيه على أبيك (٢).
١٢ ـ عنه قال : روى المدائنى ، قال : قال معاوية يوما لعقيل بن ابى طالب : هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال : نعم جارية عرضت علىّ وأبى أصحابها أن يبيعوها إلّا بأربعين ألفا ، فأحبّ معاوية أن يمازحه فقال : وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا وأنت أعمى تجتزى بجارية قيمتها خمسون درهما! قال : أرجو أن أطأها فتلدنى غلاما إذا أغضبته يضرب عنقك بالسيف.
فضحك معاوية : وقال : مازحناك يا أبا يزيد! وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما ، فلمّا أتت على مسلم ثمانى عشرة سنة ـ وقد مات عقيل أبوه ـ قال لمعاوية : يا أمير المؤمنين ، إنّ لى أرضا بمكان كذا من المدينة ، وإنّى أعطيت بها مائة ألف ، وقد أحببت أن أبيعك إيّاها ، فادفع الى ثمنها ، فأمر معاوية بقبض الارض ، ودفع الثمن إليه.
فبلغ ذلك الحسين عليهالسلام ، فكتب إلى معاوية : أما بعد ، فانك غررت غلاما من بنى هاشم ، فابتعت منه أرضا لا يملكها ، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه ، واردد إلينا أرضنا. فبعث معاوية الى مسلم ، فأخبره ذلك ، وأقرأه كتاب الحسين عليهالسلام ، قال :
__________________
(١) تاريخ اليعقوبى ٢ / ٢١٩.
(٢) شرح النهج : ٢ / ١٧١.