قائل مقالة ، فأقسم بالله لئن ردّ علىّ رجل منكم كلمة فى مقامى هذا لا ترجع إليه كلمة حتّى يضرب رأسه. فلا ينظر امرؤ منكم الا الى نفسه ، ولا يبقى الّا عليها.
وأمر أن يقوم على رأس كلّ رجل منهم رجلان بسيفيهما ، فان تكلّم بكلمة يردّ بها عليه قوله قتلاه. وخرج وأخرجهم معه حتّى رقى المنبر ، وحفّ به أهل الشام ، واجتمع الناس ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : انّا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار ، قالوا : ان حسينا وابن أبى بكر وابن عمر وابن الزبير لم يبايعوا ليزيد ، وهؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا نبرم أمرا دونهم ، ولا نقضى أمرا الا عن مشورتهم ، وانّى دعوتهم فوجدتهم سامعين مطيعين ، فبايعوا وسلّموا وأطاعوا.
فقال أهل الشام : وما يعظم من أمر هؤلاء ، ائذن لنا فنضرب أعناقهم ، لا نرضى حتّى يبايعوا علانية! فقال معاوية : سبحان الله! ما أسرع الناس الى قريش بالشرّ وأحلى دماءهم عندهم أنصتوا ، فلا أسمع هذه المقالة من أحد. ودعا الناس الى البيعة فبايعوا. ثمّ قربت رواحله ، فركب ومضى. فقال الناس للحسين وأصحابه : قلتم : لا نبايع ، فلمّا دعيتم وأرضيتم بايعتم! قالوا لم نفعل. قالوا : بلى ، قد فعلتم وبايعتم ، أفلا أنكرتم! قالوا : خفنا القتل وكادكم بنا وكادنا بكم (١).
٢٠ ـ قال أبو اسحاق القيروانى : كان لمعاوية بن أبى سفيان عين بالمدينة يكتب إليه بما يكون من امور الناس وقريش فكتب إليه : انّ الحسين بن على أعتق جارية له وتزوّجها ؛ فكتب معاوية الى الحسين : من أمير المؤمنين معاوية الى الحسين ابن علىّ. أمّا بعد فانّه بلغنى أنك تزوّجت جاريتك ، وتركت أكفاءك من قريش ، ممّن تستنجبه للولد ، وتمجد به فى الصهر ، فلا لنفسك نظرت ، ولا لولدك انتقيت.
فكتب إليه الحسين بن على : أمّا بعد فقد بلغنى كتابك ، وتعييرك إيّاى بأنّى
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ٣٧١.