عليهالسلام : فأين أنزل يا أخى؟ قال : انزل مكّة ، فان اطمأنّت بك الدار بها فستنل ذلك ، وإن نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال ، وخرجت من بلد الى بلد حتّى تنظر الى ما يصير أمر الناس ، فانّك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الامر استقبالا ، فقال عليهالسلام : يا أخى قد نصحت وأشفقت ، وأرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا (١)
٨ ـ عنه قال محمّد بن أبى طالب الموسوىّ : لمّا ورد الكتاب على الوليد بقتل الحسين عليهالسلام ، عظم ذلك عليه ثمّ قال : والله لا يرانى الله أقتل ابن نبيّه ولو جعل يزيد لى الدنيا بما فيها ، قال : وخرج الحسين عليهالسلام من منزله ذات ليلة وأقبل الى قبر جدّه صلىاللهعليهوآله فقال : السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك ، وسبطك الّذي خلّفتنى فى أمّتك.
فاشهد عليهم يا نبىّ الله أنّهم قد خذلونى ، وضيّعونى ، ولم يحفظونى ، وهذه شكواى إليك حتّى ألقاك ، قال : ثمّ قام فصفّ قدميه فلم يزل راكعا ساجدا. قال : وأرسل الوليد الى منزل الحسين عليهالسلام ، لينظر أخرج من المدينة أم لا؟ فلم يصبه فى منزله ، فقال : الحمد لله الذي خرج! ولم يبتلنى بدمه ، قال : ورجع الحسين الى منزله عند الصبح ، فلمّا كانت اللّيلة الثانية ، خرج الى القبر أيضا وصلّى ركعات ، فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول :
اللهمّ هذا قبر نبيّك محمّد ، وأنا ابن بنت نبيّك ، وقد حضرنى ، من الامر ما قد علمت ، اللهمّ إنّى أحبّ المعروف ، وأنكر المنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحقّ القبر ، ومن فيه الّا اخترت لى ما هو لك رضى ، ولرسولك رضى ، قال : ثمّ جعل يبكى عند القبر حتّى إذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فاغفى ، فاذا هو برسول الله قد أقبل فى كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه حتّى ضمّ
__________________
(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٣٢٦.