جزت من بلد إلى بلد ، حتّى تنظر ما يئول إليه أمر الناس ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين ، قال : فقال الحسين عليهالسلام : يا أخى والله لو لم يكن ملجأ ، ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية.
فقطع محمّد ابن الحنفية الكلام وبكى ، فبكى الحسين عليهالسلام معه ساعة ثمّ قال : يا أخى جزاك الله خيرا ، فقد نصحت وأشرت بالصواب ، وأنا عازم على الخروج إلى مكّة ، وقد تهيّأت لذلك أنا وإخوتى وبنو أخى وشيعتى ، وأمرهم أمرى ورأيهم رأيى ، وأمّا أنت يا أخى فلا عليك أن تقيم بالمدينة ، فتكون لى عينا لا تخفى عنّى شيئا من امورهم. ثمّ دعا الحسين عليهالسلام بدواة وبياض وكتب هذه الوصيّة لأخيه محمّد :
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علىّ بن أبى طالب الى أخيه محمّد المعروف بابن الحنفية ، أنّ الحسين يشهد أن لا إله الّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، جاء بالحقّ من عند الحقّ ، وأنّ الجنّة والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من فى القبور ، وأنّى لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنمّا خرجت لطلب الاصلاح فى أمّة جدّى صلىاللهعليهوآله.
أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّى وأبى علىّ بن أبى طالب عليهماالسلام فمن قبلنى بقبول الحقّ ، فالله أولى بالحقّ ، ومن ردّ علىّ هذا أصبر حتّى يقضى الله بينى وبين القوم بالحقّ ، وهو خير الحاكمين ، وهذه وصيّتى يا أخى إليك وما توفيقى الّا بالله عليه توكّلت وإليه أنيب ، قال : ثمّ طوى الحسين الكتاب وختمه بخاتمه ، ودفعه الى أخيه محمّد ثمّ ودّعه وخرج فى جوف اللّيل (١).
٩ ـ عنه قال محمّد بن أبى طالب : روى محمّد بن يعقوب الكلينى فى كتاب
__________________
(١) بحار الانوار : ٤٤ / ٣٢٧.