فلتكن أنت الّذي تضرب عنقه فصعد به وهو يكبّر ويستغفر الله ويصلّى على رسوله ، ويقول : اللهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وكذّبونا وخذلونا واشرفوا به على موضع الحذّائين اليوم فضربت عنقه واتبع جسده رأسه ، وقام محمّد بن الأشعث الى عبيد الله بن زياد فكلّمه فى هانى بن عروة.
فقال : انّك قد عرفت منزلة هانى فى المصر وبيته فى العشيرة وقد علم قومه انّى أنا وصاحبى سقناه إليك ، فانشدك الله لما وهبته لى فانى اكره عداوة المصر وأهله لى فوعده أن يفعل ثمّ بدا له ، فأمر بهانى فى الحال فقال أخرجوه الى السوق فاضربوا عنقه ، فاخرج هانى حتّى انتهى به مكانا من السوق كان يباع فيه من الغنم وهو مكتوف فجعل يقول وا مذحجاه ولا مذجح لى اليوم يا مذجاه يا مذحجاه واين مذجح فلمّا رأى أنّ أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف.
ثمّ قال : أما من عصا أو سكّين أو حجر أو عظم يحاجز به رجل عن نفسه ، فوثبوا إليه فشدّوه وثاقا ، ثمّ قيل له مدّ عنقك فقال : ما أنا بها بسخىّ وما أنا بمعينكم على نفسى ، فضربه مولى لعبيد الله تركى يقال له رشيد بالسيف فلم يصنع شيئا فقال هانى الى الله المعاد اللهمّ الى رحمتك ورضوانك ، ثمّ ضربه أخرى فقتله ، وفى مسلم بن عقيل وهانى بن عروة رحمة الله عليهما يقول عبد الله بن الزبير الأسدي :
فان كنت لا تدرين ما الموت فانظرى |
|
الى هانى فى السوق وابن عقيل |
الى بطل قد هشم السيف وجهه |
|
وآخر يهوى من طمار قتيل |
أصابهما أمر الأمير فاصبحا |
|
أحاديث من يسرى بكلّ سبيل |
ترى جسدا قد غيّر الموت لونه |
|
ونضح دم قد سال كلّ سبيل |
فتى هو أحيا من فتاه حيّية |
|
واقطع من ذى شفرتين صقيل |
أيركب أسماء الهماليج آمنا |
|
وقد طلبته مذحج بذحول |
يطيف حواليه مراد وكلّهم |
|
على رقبة من سائل ومسول |