الرجل الى ابنه وأخيه فيقول غدا يأتيك أهل الشام ، فما تصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به فيصرفه.
فما زالوا يتفرّقون عن ابن عقيل حتّى أمسى وصلّى المغرب وما معه إلّا ثلثون نفسا فى المسجد ، فلمّا رأى انّه قد أمسى وليس معه إلّا اولئك النفر خرج متوجّها نحو ابواب كندة فما بلغ الابواب ، ومعه عشرة ثمّ خرج من الباب فاذا ليس معه انسان ، فالتفت فاذا هو لا يحسّ أحدا يدلّه على الطريق ، ولا يدلّه على منزله ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدوّ فمضى على وجهه مترددا فى أزقة الكوفة لا يدرى أين يذهب.
فمشى حتّى انتهى الى باب امرأة يقال لها طوعة أمّ ولد كانت للاشعث بن قيس ، فأعتقها فتزوّجها أسيد الحضرمى فولدت له بلالا وكان بلال قد خرج مع الناس فانّها قائمة تنتظره فسلم عليها ابن عقيل فردّت عليه ، فقال لها يا امة الله اسقنى ماء فسقته وجلس ، وأدخلت الاناء ثمّ خرجت فقالت : يا عبد الله ألم تشرب ، قال بلى قالت فاذهب الى أهلك فسكت ثمّ أعادت مثل ذلك فسكت.
ثمّ قالت له فى الثالثة سبحان الله قم عافاك الله الى أهلك فانّه لا يصلح لك الجلوس على بابى ولا أحلّه لك ، فقام وقال يا أمة الله ما لي فى هذا المصر منزل ، ولا عشيرة فهل لك فى أجر ومعروف ولعلّى مكافيك ، قالت يا عبد الله وما ذاك قال : أنا مسلم بن عقيل كذبنى هؤلاء القوم وغرّونى وأخرجونى ، قالت أنت مسلم قال نعم قالت : أدخل فدخل بيتا فى دارها غير البيت الذي تكون فيه ففرشت له وعرضت له العشا فلم يتعشّ ولم يكن باسرع ان جاء ابنها فرآها تكثر الدخول فى البيت والخروج منه.
فقال لها والله انّه ليريبنى كثرة دخولك هذا البيت منذ اللّيلة وخروجك منه انّ لك لشأنا قالت : يا بنىّ اعرض عن هذا قال والله لتخبرينى قالت : أقبل على