واسند ظهره إلى جنب تلك الدّار ، فأعاد ابن الأشعث عليه القول لك الامان ، فقال آمن أنا ، فقال نعم فقال للقوم الذين معه لى الأمان ، فقال القوم له ، نعم الّا عبيد الله ابن العبّاس السلمى ، فانّه قال لا ناقة لى فى هذا ولا جمل وتنحى ، فقال مسلم : أما لو لم تؤمنونى ما وضعت يدى فى أيديكم وأتى ببغلة فحمل عليها واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه ، فكأنّه عند ذلك آيس من نفسه فدمعت عيناه.
ثمّ قال هذا أول الغدر ، فقال له محمّد بن الأشعث أرجوا أن لا يكون عليك باس ، فقال ما هو الّا الرجاء أين أمانكم إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، وبكى ، فقال له عبيد الله بن العبّاس السلمى : إنّ الذي يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الّذي نزل بك لم يبك ، فقال والله إنّى ما لنفسى بكيت ولا لها من القتل ارثى ، وإن كنت لم أخبّ لها طرفة عين ، ولكنّى أبكى لأهلى المقبلين الىّ أبكى للحسين وآل الحسين صلوات الله عليهم.
ثمّ أقبل بابن عقيل الى باب القصر ، فاستأذن ، فاذن له فدخل على عبيد الله فاخبره خبر ابن عقيل وذكر ما كان من أمانه له ، فقال له عبيد الله وما أنت والأمان كانّنا أرسلناك لتؤمنه إنّما أرسلناك لتأتينا به ، فسكت ابن الاشعث ، وانتهى ابن عقيل إلى باب القصر وقد اشتدّ به العطش ، فقال : اسقونى من هذا الماء وتساند الى حائط وبعث عمرو بن حريث غلاما له فجاءه بقلّة عليها منديل وقدح فصبّ فيه ماء ، فقال له اشرب فأخذ كلّما شرب امتلاء القدح دما من فمه فلا يقدر أن يشرب ففعل ذلك مرّة أو مرّتين فلمّا ذهب فى الثالثة ليشربه سقطت ثنيتاه فى القدح.
فقال : الحمد لله لو كان لى من الرزق المقسوم ، شربته ، وخرج رسول ابن زياد وأمر بادخاله ، فلمّا دخل لم يسلّم عليه بالامرة ، فقال له الحرس ألّا تسلم على الأمير فقال : إن كان يريد قتلى فما سلامى عليه وان كان لا يريد قتلى ليكثر سلامى عليه ، فقال له ابن زياد : لعمرى لتقتلنّ قال : كذلك ، قال نعم قال : دعنى أوصى الى