المذحجيّون ، وأمر عبيد الله مهران أن يدخل عليه شريحا ، فخرج ، فأدخله عليه ، ودخلت الشرط معه ، فقال : يا شريح ، قد ترى ما يصنع بى! قال : أراك حيّا ، قال : وحىّ أنا مع ما ترى! أخبر قومى أنّهم ان انصرفوا قتلنى!
فخرج الى عبيد الله فقال : قد رأيته حيّا ، ورأيت أثرا سيّئا! قال : وتنكر أن يعاقب الوالى رعيّته! اخرج الى هؤلاء فأخبرهم فخرج ، وأمر عبيد الله الرجل فخرج معه ، فقال لهم شريح ، ما هذه الرّعة السيّئة! الرجل حىّ ، وقد عاتبه سلطانه بضرب لم يبلغ نفسه ، فانصرفوا ولا تحلّوا بأنفسكم ولا بصاحبكم. فانصرفوا (١).
٢٩ ـ عنه ذكر هشام ، عن أبى مخنف ، عن المعلّى بن كليب ، عن أبى الودّاك ، قال : نزل شريك بن الأعور ، على هانى بن عروة المرادى ، وكان شريك شيعيّا ، وقد شهد صفّين مع عمّار ، وسمع مسلم بن عقيل بمجيء عبيد الله ومقالته التي قالها ، وما أخذ به العرفاء والناس ، فخرج من دار المختار ـ قد علم به ـ حتّى انتهى الى دار هانى بن عروة المرادى ، فدخل بابه ، وأرسل إليه أن أخرج ، فخرج إليه هانئ ، فكره هانئ مكانه حين رآه.
فقال له مسلم : أتيتك لتجيرنى وتضيفنى ، فقال : رحمك الله! لقد كلفتنى شططا ، ولو لا دخولك دارى ، وثقتك لأحببت ولسألتك أن تخرج عنّى ، غير أنّه يأخذنى من ذلك زمام ، وليس مردود مثلى على مثلك ، عن جهل ، ادخل. فآواه ، وأخذت الشيعة تختلف إليه فى دار هانى بن عروة ، ودعا ابن زياد مولى له يقال له معقل ، فقال له : خذ ثلاثة آلاف درهم ، ثمّ اطلب مسلم بن عقيل ، واطلب لنا أصحابه.
ثمّ أعطهم هذه الثلاثة آلاف ، فقل لهم : استعينوا بها على حرب عدوّكم ، وأعلمهم أنّك منهم ، فانّك لو قد أعطيتها إيّاهم اطمأنّوا إليك ، ووثقوا بك ، ولم
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٥٩.