فقال ابن زياد : أدنوه منّى ، فأدنى ، فاستعرض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر أنفه ، وسيّل الدماء على ثيابه ، ونثر لحم خدّيه وجبينه على لحيته ، حتّى كسر القضيب ، وضرب هانى بيده الى قائم سيف شرطىّ من تلك الرجال ، وجابذه الرجل ومنع ، فقال عبيد الله : أحروري سائر اليوم! أحللت بنفسك ، قد حلّ لنا قتلك ، وخذوه فألقوه فى بيت من بيوت الدار ، وأغلقوا عليه بابه ، واجعلوا عليه حرسا ، ففعل ذلك به.
فقام إليه أسماء بن خارجة فقال : أرسل غدر سائر اليوم! أمرتنا أن نجيئك بالرجل حتّى إذا جئناك به وأدخلناه عليك هشمت وجهه ، وسيّلت دمه على لحيته ، وزعمت أنّك تقتله! فقال له عبيد الله : وانّك لهاهنا! فأمر به فلهز وتعتع به ، ثمّ ترك فحبس. وأمّا محمّد بن الاشعث فقال : قد رضينا بما رأى الامير ، لنا كان أم علينا ، إنمّا الامير مؤدّب.
وبلغ عمرو بن الحجّاج أن هانئا قد قتل ، فأقبل فى مذحج حتّى أحاط بالقصر ، ومعه جمع عظيم ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجّاج ، هذه فرسان مذحج ووجوهها ، لم نخلع طاعة ، ولم نفارق جماعة ، وقد بلغهم أن صاحبهم يقتل ، فأعظموا ذلك! فقيل لعبيد الله : هذه مذحج بالباب ، فقال لشريح القاضى : ادخل على صاحبكم ، فانظر إليه ، ثمّ اخرج فأعلمهم أنّه حىّ لم يقتل ، وانّك قد رأيته ، فدخل إليه شريح فنظر إليه (١).
٣١ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى الصقعب بن زهير ، عن عبد الرحمن بن شريح ، قال : سمعته يحدّث اسماعيل بن طلحة ، قال : دخلت على هانى ، فلمّا رآنى قال :
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٦٤.