فانّ ابن عقيل السفيه الجاهل ، قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق ، فبرئت ذمّة الله من رجل وجدناه فى داره ، ومن جاء به فله ديته ، اتقوا الله عباد الله ، والزموا طاعتكم وبيعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا ، يا حصين ابن تميم ، ثكلتك أمّك إن صاح باب سكّة من سكك الكوفة ، أو خرج هذا الرجل ولم تأتنى به ، وقد سلّطتك على دور أهل الكوفة.
فابعث مراصدة على أفواه السكك ، وأصبح غدا واستبر الدور وجس خلالها حتّى تأتينى بهذا الرجل ، وكان الحصين على شرطه ، وهو من بنى تميم ، ثمّ نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعمرو بن حريث راية وأمره على الناس ، فلمّا أصبح جلس مجلسه ، وأذن للناس فدخلوا عليه ، وأقبل محمّد بن الأشعث فقال : مرحبا بمن لا يستغشّ ولا يتّهم! ثمّ أقعده الى جنبيه.
وأصبح ابن تلك العجوز وهو بلال بن أسيد الذي آوت أمه ابن عقيل ، فغذا الى عبد الرحمن بن محمّد ابن الأشعث ، فأخبره بمكان ابن عقيل ، عند أمّه ، قال : فأقبل عبد الرحمن ، حتّى أتى أباه وهو عند ابن زياد ، فسارّه ، فقال له ابن زياد : ما قال لك؟ قال : أخبرنى أنّ ابن عقيل فى دار من دورنا ، فنخس بالقضيب فى جنبه ثمّ قال : قم فأتنى به الساعة (١).
٣٨ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى قدّامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثقفى ، أنّ ابن الأشعث حين قام ليأتيه بابن عقيل بعث الى عمرو بن حريث ، وهو فى المسجد خليفته على الناس ، أن ابعث مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلا كلّهم من قيس ، وإنمّا كره أن يبعث معه قومه لأنّه قد علم أنّ كلّ قوم يكرهون أن يصادف فيهم مثل ابن عقيل ، فبعث معه عمرو بن عبيد الله بن عبّاس السلمى فى ستين ، أو
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٧١.