من أهل بيتك ، قال : وتكلّم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا فى وجه واحد ، فقالوا : والله لا نفارقك ، ولكنّ أنفسنا لك الفداء ، نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا ، فاذا نحن قتلنا كنّا وفّينا ، وقضينا ما علينا (١).
١٣ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى الحارث بن كعب ، عن الضحّاك ، عن علىّ ابن الحسين بن علىّ قال : إنّى جالس فى تلك العشية التي قتل أبى فى صبيحتها ، وعمّتى زينب عندى تمرّضنى ، اذ اعتزل أبى بأصحابه فى خباء له ، وعنده حوىّ ، مولى أبى ذر الغفارى ، وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبى يقول :
يا دهر أفّ لك من خليل |
|
كم لك فى الاشراق والأصيل |
من صاحب وماجد قتيل |
|
والدهر لا يقنع بالبديل |
وإنمّا الأمر الى الجليل |
|
وكلّ حىّ سالك السبيل |
قال : فأعادها مرّتين أو ثلاثا حتّى فهمتها ، فعرفت ما أراد ، فخنقتنى عبرتى ، فرددت دمعى ولزمت السكون ، فعلمت أنّ البلاء قد نزل ، فأمّا عمّتى فانّها سمعت ما سمعت ، وهى امرأة ، وفى النساء الرقّة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها ، وإنّها لحاسرة حتّى انتهت إليه ، فقالت : وا ثكلاه! ليت الموت أعدمنى الحياة! اليوم ماتت فاطمة أمّى وعلىّ أبى ، وحسن أخى ، يا خليفة الماضى ، وثمال الباقى ، قال : فنظر إليها الحسين عليهالسلام فقال :
يا أخيّة ، اتّقى الله وتعزّى بعزاء الله ، واعلمى أنّ أهل الأرض يموتون ، وأنّ أهل السماء لا يبقون ، وأنّ كلّ شيء هالك إلّا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته ، ويبعث الخلق فيعودون ، وهو فرد وحده ، أبى خير منّى ، وأمّى خير منّى ، وأخى
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤١٩.