خير منّى ، ولى لهم ولكلّ مسلم برسول الله أسوة ، قال : فعزّاها بهذا ونحوه ، وقال لها :
يا أخيّة ، إنّى أقسم عليك فأبرّى قسمى ، لا تشقّى علىّ ، جيبا ، ولا تخمشى علىّ وجها ، ولا تدعى علىّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت ، قال : ثمّ جاء بها حتّى أجلسها عندى ، وخرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرّبوا بعض بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها فى بعض ، وأن يكونوا هم بين البيوت إلّا الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم (١).
١٤ ـ عنه قال أبو مخنف : عن عبد الله بن عاصم ، عن الضحّاك بن عبد الله المشرقى ، قال : فلمّا أمسى حسين وأصحابه قاموا اللّيل كلّه يصلّون ويستغفرون ويدعون ويتضرّعون قال : فتمرّ بنا خيل لهم تحرسنا ، وإنّ حسينا ليقرأ : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ، ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ، ميّزنا منكم.
قال : فعرفته فقلت لبرير بن خضير : تدرى من هذا؟ قال : لا : قلت هذا أبو حرب السبيعى عبد الله بن شهر ـ وكان مضحاكا بطالا ، وكان شريفا شجاعا فاتكا ، وكان سعيد بن قيس ربما حبسه فى جناية ـ فقال له برير بن خضير : يا فاسق ، أنت يجعلك الله فى الطيّبين! فقال له : من أنت؟ قال : أنا برير بن خضير ، قال : إنّا لله! عزّ علىّ! هلكت والله هلكت والله يا برير!
قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام! فو الله إنّا لنحن الطيّبون ، ولكنّكم لأنتم الخبيثون ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين ، قلت :
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٢٠.