ويحك! أفلا ينفعك معرفتك! قال : جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزى من عنز بن وائل! قال : ها هو ذا معى ، قال : قبح الله رأيك على كلّ حال! أنت سفيه ، ثمّ انصرف عنّا (١).
١٥ ـ قال عبد الرزاق المقرم : وفى هذا الحال قيل لمحمّد بن بشير الحضرمى ، قد أسرا ابنك بثغر الرى فقال : ما أحبّ أن يؤسر وأنا أبقى بعده حيّا فقال له الحسين : أنت فى حلّ من بيعتى ، فاعمل فى فكاك ولدك ، قال : لا والله لا أفعل ذلك أكلتنى السباع حيّا إن فارقتك ، فقال عليهالسلام : إذا اعط ابنك هذه الأثواب الخمسة ليعمل فى فكاك أخيه وكان قيمتها ألف دينار.
ولما عرف الحسين منهم صدق النية والاخلاص فى المفاداة دونة أوقفهم على غامض القضاء فقال : إنّى غدا اقتل وكلّكم تقتلون معى ولا يبقى منكم أحد حتّى القاسم وعبد الله الرضيع إلّا ولدى على زين العابدين لأنّ الله لم يقطع نسلى منه ، وهو أبو أئمة ثمانية.
فقالوا بأجمعهم الحمد لله الّذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك أو لا ترضى أن نكون معك فى درجتك يا ابن رسول الله ، فدعا لهم بالخير وكشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان ، وعرفهم منازلهم فيها وليس ذلك فى القدرة الإلهية بعزيز ، ولا فى تصرّفات الامام بغريب ، فان سحرة فرعون لما آمنوا بموسى عليهالسلام وأراد فرعون قتلهم أراهم النبيّ موسى منازلهم فى الجنّة.
فى حديث أبى جعفر الباقر عليهالسلام قال لأصحابه : أبشروا بالجنّة فو الله إنّا نمكث ما شاء الله بعد ما يجرى علينا ثمّ يخرجنا الله وإيّاكم حتّى يظهر قائمنا فينتقم من
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٢١.