الحسن. وقال الحسين.
اللهمّ أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض! اللهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم الولاة أبدا ، فإنّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا! ثمّ ضارب الرّجالة حتى انكشفوا عنه ، ولما بقى الحسين فى ثلاثة أو أربعة دعا بسراويل ففزّره ونكثه لئلّا يسلبه ، فقال له بعضهم : لو لبست تحته التّبان. قال : ذلك ثوب مذلّة ولا ينبغى لى أن ألبسه ، فلمّا قتل سلبه بحر بن كعب ، وكانت يداه فى الشتاء تنضحان بالماء وفى الصيف تيبسان كأنّهما عود ، وحمل الناس عليه عن يمينه وشماله ، فحمل على الذين عن يمينه فتفرّقوا.
ثمّ حمل على الذين عن يساره فتفرّقوا ، فما رؤى مكثور قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه ، إن كانت الرّجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب. فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهى تقول : ليت السماء انطبقت على الأرض! وقد دنا عمر ابن سعد ، فقالت : يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خدّيه ولحيته وصرف وجهه عنها.
كان على الحسين جبّة من خزّ ، وكان معتما مخضوبا بالوسمة ، وقاتل راجلا قتال الفارس الشجاع يتّقى الرمية ويفترص العورة ويشدّ على الخيل وهو يقول : أعلى قتلى تجتمعون؟ أما والله لا تقتلون بعدى عبدا من عباد الله الله أسخط عليكم لقتله منّى! وأيم الله إنّى لأرجو أن يكرمنى الله بهوانكم ثمّ ينتقم لى منكم من حيث لا تشعرون! أما والله لو قتلتمونى لألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ثمّ لا يرضى بذلك منكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.
قال : ومكث طويلا من النهار ، ولو شاء الناس أن يقتلوه لقتلوه ولكنّهم كان يتّقى بعضهم ببعض ويحبّ هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء ، فنادى شمر فى الناس : ويحكم