ستين سنة (١).
١١٧ ـ قال ابن الاثير : اشتدّ عطش الحسين فدنا من الفرات ليشرب فرماه حصين بن نمير بسهم فوقع فى فمه فجعل يتلقّى الدم بيده ورمى به إلى السماء ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : اللهمّ إنّى أشكو إليك ما يصنع بابن بنت نبيّك! اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا! وقيل الذي رماه رجل من بنى أبان بن دارم ، فمكث ذلك الرجل يسيرا ثمّ صبّ الله عليه الظمأ فجعل لا يروى فكان يروّح عنه ويبرّد له الماء فيه السكر وعساس فيها اللبن ويقول : اسقونى ، فيعطى القلّة او العسّ فيشربه ، فإذا شربه اضطجع هنيهة ثمّ يقول : اسقونى قتلنى الظمأ ، فما لبث إلّا يسيرا حتى انقدّت بطنه انقداد بطن البعير.
ثمّ إنّ شمر بن ذى الجوشن أقبل فى نفر نحو عشرة من رجالهم نحو منزل الحسين فحالوا بينه وبين رحله ، فقال لهم الحسين : ويلكم! إن لم يكن لكم دين ولا تخافون يوم المعاد فكونوا أحرارا ذوى أحساب ، امنعوا رحلى وأهلى من طغاتكم وجهّالكم ، فقالوا : ذلك لك يا ابن فاطمة. وأقدم عليه شمر بالرّجالة منهم : أبو الجنوب ، واسمه عبد الرحمن الجعفىّ والقشعم بن نذير الجعفىّ ، وصالح بن وهب اليزني ، وسنان بن أنس النخعىّ ، وخوليّ ابن يزيد الأصبحىّ ، وجعل شمر يحرّضهم على الحسين وهو يحمل عليهم فينكشفون عنه.
ثمّ إنّهم أحاطوا به ، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله فقام إلى جنبه وقد أهوى بحر بن كعب بن تيم الله بن ثعلبة إلى الحسين بالسيف ، فقال الغلام يا ابن الخبيثة أتقتل عمّى فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فاطنّها الى الجلدة فنادى الغلام يا أمّاه! فاعتنقه الحسين وقال له : يا ابن أخى اصبر على ما نزل بك فإن الله يلحقك بآبائك الطاهرين الصالحين ، رسول الله ، صلىاللهعليهوآله ، وعلىّ وحمزة وجعفر و
__________________
(١) الموفقيات : ١٦٧.