دما ولعذاب الآخرة أخزى فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحضره البدار ولا يخاف عليه فوت الثار كلا ان ربك لبالمرصاد ، قال ثم سكتت فرأيت الناس حيارى قد ردّوا أيديهم فى أفواههم ورأيت شيخا قد اخضلت لحيته وهو يقول كهولهم خير الكهول ونساؤهم خير النساء اذا عدو انسل لا يخيب ولا يخزى (١)
٥ ـ قال الطبرسى : ثمّ نادى ابن سعد فى الناس بالرّحيل وتوجّه نحو الكوفة ومعه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من النساء والصبيان وعلىّ بن الحسين فيهم وهو مريض بالذّرب وقد أشفى ، فلما رحل ابن سعد خرج قوم من بنى أسد كانوا نزولا بالغاضريّة إلى الحسين وأصحابه فصلّوا عليهم ودفنوا الحسين حيث قبره الآن ودفنوا ابنه علىّ بن الحسين الأصغر عند رجليه وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الّذين صرعوا حوله حفيرة ممّا يلى رجله فجمعوهم ودفنوهم جميعا معا ودفنوا العبّاس بن علىّ فى موضعه الّذي قتل فيه على طريق الغاضريّة حيث قبره الآن.
لما وصل رأس الحسين عليهالسلام ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله جلس ابن زياد فى قصر الإمارة وأذن للنّاس إذنا عامّا وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسّم وبيده قضيب يضرب به ثناياه وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله وهو شيخ كبير ، فقال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتى رسول الله ما لا أحصيه يترشفهما ثمّ انتحب باكيا ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك أتبكى لقدرة الله ولو لا أنّك شيخ كبير وقد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
فنهض زيد بن أرقم وصار إلى منزله وادخل عيال الحسين عليهالسلام على ابن زياد ، فدخلت زينب اخت الحسين فى جماعتهم. عليها أرذل ثيابها فمضت حتّى
__________________
(١) أمالي المفيد : ١٩٨.