فقال له الحرّ : انّى والله اخيّر نفسى بين الجنّة والنار ، فو الله لا اختار على الجنّة شيئا ، ولو قطّعت وحرقت ، ثمّ ضرب فرسه ولحق بالحسين عليهالسلام ، فقال له جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع وسايرتك فى الطريق وجعجعت بك فى هذا المكان ، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة ، والله لو علمت أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الّذي ركبت ، فانّى تائب إلى الله ممّا صنعت فترى لى من ذلك توبة.
فقال له الحسين عليهالسلام نعم يتوب الله عليك فانزل ، قال فأنا لك فارسا خير منّى راجلا اقاتلهم لك على فرسى ساعة وإلى النزول آخر ما يصير أمرى ، فقال له الحسين عليهالسلام فاصنع يرحمك الله ، ما بدا لك ، فاستقدم أمام الحسين عليهالسلام ، فقال يا أهل الكوفة لامّكم الهبل والعبر أدعوتم هذا العبد الصالح ، حتّى إذا جاءكم أسلمتموه وزعمتم انّكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه وأمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه واحطتم به من كلّ جانب لتمنعوه التوجّه فى بلاد الله العريضة.
فصار كالأسير فى أيديكم لا يملك لنفسه نفعا ولا تدفع عنها ضرّا وجلأتموه ونسائه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجارى يشربه اليهود والنصارى والمجوس وتمرغ فيه خنازير السواد ، وكلابه ، فها هم قد صرعهم العطش بئس ما خلّفتم محمّدا فى ذرّيته لا سقاكم الله يوم الظّماء ، فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل ، فاقبل حتّى وقف أمام الحسين عليهالسلام (١).
٣ ـ قال ابن شهرآشوب : فحرّك الحرّ دابّته حتّى استامن الى الحسين وقال له : بأبى وأمّى ما ظننت أنّ الامر ينتهى بهؤلاء القوم إلى ما أرى ، فامّا الآن جئتك
__________________
(١) الارشاد : ٢١٨.