الحجّاج بالناس : يا حمقى ، أتدرون من تقاتلون! فرسان المصر ، قوما مستميتين لا يبرزنّ لهم منكم أحد ، فانّهم قليل ، وقلّما يبقون ، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم : فقال عمر بن سعد : صدقت ، الرأى ما رأيت ، وأرسل إلى الناس يعزم عليهم ألّا يبارز رجل منكم رجلا منهم (١).
١٥ ـ عنه عن أبى مخنف : كان نافع بن هلال الجملى قد كتب اسمه على أفواق نبله ، فجعل يرمى بها مسوّمة وهو يقول : «أنا الجملى ، أنا على دين على». فقتل اثنى عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح ، قال : فضرب حتّى كسرت عضداه وأخذ أسيرا ، قال : فأخذه شمر بن ذى الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا ، حتّى أتى به عمر بن سعد ، فقال له عمر بن سعد : ويحك يا نافع! ما حملك على ما صنعت بنفسك! قال : إنّ ربّى يعلم ما أردت.
قال : والدماء تسيل على لحيته وهو يقول : والله لقد قتلت منكم اثنى عشر سوى من جرحت ، وما ألوم نفسى على الجهد ، ولو بقيت لى عضد وساعد ما أسرتمونى ، فقال له شمر : اقتله أصلحك الله! قال : أنت جئت به ، فإن شئت فاقتله ، قال : فانتضى شمر سيفه ، فقال له نافع : أما والله أن لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا ، فالحمد لله الّذي جعل منايانا على يدى شرار خلقه ، فقتله.
قال : ثمّ أقبل شمر يحمل عليهم وهو يقول :
خلّوا عداة الله خلّوا عن شمر |
|
يضربهم بسيفه ولا يفرّ |
وهو لكم صاب وسمّ ومقر(٢) |
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣٥.
(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤١.