٦ ـ سورة الأنعام
(مكية وهى مائة وخمس وستون آية)
[سورة الأنعام (٦) : آية ١]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١)
(سورة الأنعام)
(مكية غير ست آيات أو ثلاث من قوله تعالى (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ). وهى مائة وخمس وستون آية).
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تعليق الحمد المعرف بلام الحقيقة أو لا باسم الذات الذى عليه يدور كافة ما يوجبه من صفات الكمال وإليه يؤول جميع نعوت الجلال والجمال للإيذان بأنه عزوجل هو المستحق له بذاته لما مر من اقتضاء اختصاص الحقيقة به سبحانه لاقتصار جميع أفرادها عليه بالطريق البرهانى ووصفه تعالى ثانيا بما ينبىء عن تفصيل بعض موجباته المنتظمة فى سلك الإجمال من عظائم الآثار* وجلائل الأفعال من قوله عزوجل (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) للتنبيه على استحقاقه تعالى له واستقلاله به باعتبار أفعاله العظائم وآلائه الجسام أيضا وتخصيص خلقهما بالذكر لاشتمالهما على جملة الآثار العلوية والسفلية وعامة الآلاء الجلية والخفية التى أجلها نعمة الوجود الكافية فى إيجاب حمده تعالى على كل موجود فكيف بما يتفرع عليها من فنون النعم الأنفسية والآفاقية المنوط بها مصالح العباد فى المعاش والمعاد أى أنشأهما على ماهما عليه من النمط الفائق والطراز الرائق منطويتين من أنواع البدائع وأصناف الروائع على ما تتحير فيه العقول والأفكار من تعاجيب العبر والآثار تبصرة وذكرى لأولى الأبصار وجمع السموات لظهور تعدد طبقاتها واختلاف آثارها وحركاتها وتقديمها لشرفها وعلو مكانها* وتقدمها وجودا على الأرض كما هى (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) عطف على خلق مترتب عليه لكون جعلهما مسبوقا بخلق منشئهما ومحلهما داخل معه فى حكم الإشعار بعلة الحمد فكما أن خلق السموات والأرض وما بينهما لكونه أثرا عظيما ونعمة جليلة موجب لاختصاص الحمد بخالقهما جل وعلا كذلك جعل الظلمات والنور لكونه أمرا خطيرا ونعمة عظيمة مقتض لاختصاصه بجاعلهما والجعل هو الإنشاء والإبداع كالخلق خلا أن ذلك مختص بالإنشاء التكوينى وفيه معنى التقدير والتسوية وهذا عام له كما فى الآية الكريمة وللتشريعى أيضا كما فى قوله تعالى (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) الآية وأيا ما كان فهو إنباء عن ملابسة مفعوله بشىء آخر بأن يكون فيه أوله أو منه أو نحو ذلك ملابسة مصححة لأن يتوسط بينهما شىء من الظروف لغوا كان أو مستقرا لكن لا على أن يكون عمدة فى الكلام بل قيدا فيه كما فى قوله عزوجل (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) وقوله تعالى (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) وقوله تعالى (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا