(ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢) قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (٦٤)
____________________________________
لا يجاوزون ما حد لهم بزيادة أو تقصان والجملة حال من (رُسُلُنا) وقيل مستأنفة سيقت لبيان اعتنائهم بما أمروا به وقوله تعالى (ثُمَّ رُدُّوا) عطف على (تَوَفَّتْهُ) والضمير للكل المدلول عليه بأحدكم وهو السر فى مجيئه بطريق الالتفات تغليبا والإفراد أولا والجمع آخرا لوقوع التوفى على الانفراد والرد على الاجتماع أى ثم ردوا بعد البعث بالحشر (إِلَى اللهِ) أى إلى حكمه وجزائه فى موقف الحساب (مَوْلاهُمُ) أى مالكهم* الذى يلى أمورهم على الإطلاق لا ناصرهم كما فى قوله تعالى (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (الْحَقِّ) الذى لا* يقضى إلا بالعدل وقرىء بالنصب على المدح (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) يومئذ صورة ومعنى لا لأحد غيره بوجه من* الوجوه (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) يحاسب جميع الخلائق فى أسرع زمان وأقصره لا يشغله حساب عن* حساب ولا شأن عن شأن وفى الحديث أن الله تعالى يحاسب الكل فى مقدار حلب شاة (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أى قل تقريرا لهم بانحطاط شركائهم عن رتبة الإلهية من ينجيكم من شدائدهما الهائلة التى تبطل الحواس وتدهش العقول ولذلك استعير لها الظلمات المبطلة لحاسة البصر يقال لليوم الشديد يوم مظلم ويوم ذو كواكب أو من الخسف فى البر والغرق فى البحر وقرىء ينجيكم من الإنجاء والمعنى واحد وقوله تعالى (تَدْعُونَهُ) نصب على الحالية من مفعول (يُنَجِّيكُمْ) والضمير لمن أى من ينجيكم* منها حال كونكم داعين له أو من فاعله أى من ينجيكم منها حال كونه مدعوا من جهتكم وقوله تعالى (تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) إما حال من فاعل (تَدْعُونَهُ) أو مصدر مؤكد له أى تدعونه متضرعين جهارا ومسرين أو تدعونه دعاء إعلان وإخفاء وقرىء خفية بكسر الخاء وقوله تعالى (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا) حال من الفاعل أيضا على تقدير* القول أى تدعونه قائلين لئن أنجيتنا (مِنْ هذِهِ) الشدة والورطة التى عبر عنها بالظلمات (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أى الراسخين فى الشكر المداومين عليه لأجل هذه النعمة أو جميع النعماء التى من جملتها هذه وقرىء لئن أنجانا مراعاة لقوله تعالى (تَدْعُونَهُ) (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) أمر صلىاللهعليهوسلم بتقرير الجواب مع كونه من وظائفهم للإيذان بأنه متعين عندهم ولبناء قوله تعالى (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) عليه أى الله تعالى* وحده ينجيكم مما تدعونه إلى كشفه من الشدائد المذكورة وغيرها من الغموم والكرب ثم أنتم بعد ما تشاهدون هذه النعم الجليلة تشركون بعبادته تعالى غيره وقرىء ينجيكم بالتخفيف.