(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) (١٠٠)
____________________________________
أو ثمة جنات وقد جوز عطفه على قنوان كأنه قيل وحاصلة أو مخرجة من النخل قنوان وجنات مز نبات وأعناب ولعل زيادة الجنات ههنا من غير اكتفاء بذكر اسم الجنس كما فيما تقدم وما تأخر لما أن الانتفاع بهذا الجنس لا يتأتى غالبا إلا عند اجتماع طائفة من أفراده (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) منصوبان* على الاختصاص لعزة هذين الصنفين عندهم أو على العطف على (نَباتَ) وقوله تعالى (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) * حال من الزيتون اكتفى به عن حال ما عطف عليه كما يكتفى بخبر المعطوف عليه عن خبر المعطوف فى نحو قوله تعالى (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) وتقديره والزيتون مشتبها وغير متشابه والرمان كذلك وقد جوز أن يكون حالا من الرمان لقربه ويكون المحذوف حال الأول والمعنى بعضه متشابها وبعضه غير متشابه فى الهيئة والمقدار واللون والطعم وغير ذلك من الأوصاف الدالة على كمال قدرة صانعها وحكمة منشئها ومبدعها (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) أى انظروا إليه نظر اعتبار واستبصار إذا أخرج ثمره كيف* يخرجه ضئيلا لا يكاد ينتفع به وقرىء إلى ثمره (وَيَنْعِهِ) أى وإلى حال نضجه كيف يصير إلى كماله اللائق* به ويكون شيئا جامعا لمنافع جمة والينع فى الأصل مصدر ينعت الثمرة إذا أدركت وقيل جمع يانع كتاجر وتجر وقرىء بالضم وهى لغة فيه وقرىء يانعة (إِنَّ فِي ذلِكُمْ) إشارة إلى ما أمر بالنظر إليه وما فى اسم* الإشارة من معنى البعد للإيذان بعلو رتبة المشار إليه وبعد منزلته (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أى لآيات* عظيمة أو كثيرة دالة على وجود القادر الحكيم ووحدته فإن حدوث هاتيك الأجناس المختلفة والأنواع المتشعبة من أصل واحد وانتقالها من حال إلى حال على نمط بديع يحار فى فهمه الألباب لا يكاد يكون إلا بإحداث صانع يعلم تفاصيلها ويرجح ما تقتضيه حكمته من الوجوه الممكنة على غيره ولا يعوقه عن ذلك ضد يناويه أو ند يفاويه ولذلك عقب بتوبيخ من أشرك به والرد عليه حيث قيل (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) أى جعلوا فى اعتقادهم لله الذى شأنه ما فصل فى تضاعيف هذه الآيات الجليلة شركاء (الْجِنَّ) أى الملائكة* حيث عبدوهم وقالوا الملائكة بنات الله وسموا جنا لاجتنانهم تحقيرا لشأنهم بالنسبة إلى مقام الألوهية أو الشاطين حيث أطاعوهم كما أطاعوا الله تعالى أو عبدوا الأوثان بتسويلهم وتحريضهم أو قالوا الله خالق الخير وكل نافع والشيطان خالق الشر وكل ضاركما هو رأى الثنوية ومفعولا (جَعَلُوا) قوله تعالى (شُرَكاءَ الْجِنَ) قدم ثانيهما على الأول لاستعظام أن يتخذ الله سبحانه شريك ما كائنا ما كان ولله متعلق بشركاء قدم عليه للنكتة المذكورة وقيل هما لله شركاء والجن بدل من شركاء مفسر له نص عليه الفراء وأبو إسحاق أو منصوب بمضمر وقع جوابا على سؤال مقدر نشأ من قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) كأنه قيل من جعلوه شركاء لله تعالى فقيل الجن أى جعلوا الجن ويؤيده قراءة أبى حيوة ويزيد بن قطيب الجن بالرفع على تقديرهم الجن فى جواب من قال من الذين جعلوهم شركاء لله تعالى وقد قرىء بالجر على أن الإضافة للتبيين