(اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧) وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٠٨)
____________________________________
هذه الآيات وعفت كما قالوا أساطير الأولين ودرست بضم الراء مبالغة فى درست أى اشتد دروسها ودرست على البناء للمفعول بمعنى قرئت أو عفيت ودارست وفسروها بدارست اليهود محمدا صلىاللهعليهوسلم وجاز الإضمار لاشتهارهم بالدراسة وقد جوز إسناد الفعل إلى الآيات وهو فى الحقيقة لأهلها أى دارس أهل الآيات وحملتها محمدا صلىاللهعليهوسلم وهم أهل الكتاب ودرس أى درس محمد ودارسات أى هى دارسات أى قديمات أو ذات درس كعيشة راضية وقوله تعالى (وَلِنُبَيِّنَهُ) عطف على (لِيَقُولُوا) واللام على الأصل لأن التبيين غاية* التصريف والضمير للآيات باعتبار المعنى أو للقرآن وإن لم يذكر أو للمصدر أى ولنفعل التبيين واللام فى قوله تعالى (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) متعلقة بالتبيين وتخصيصه بهم لما أنهم المنتفعون به قال ابن عباس هم أولياؤه الذين* هداهم إلى سبيل الرشاد ووصفهم بالعلم للإيذان بغاية جهل الأولين وخلوهم عن العلم بالمرة (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) لما حكى عن المشركين قدحهم فى تصريف الآيات عقب ذلك بأمر صلىاللهعليهوسلم بالثبات على ما هو عليه وبعدم الاعتداد بهم وبأباطيلهم أى دم على ما أنت عليه من اتباع ما أوحى إليك من الشرائع والأحكام التى عمدتها التوحيد وفى التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلىاللهعليهوسلم من إظهار اللطف به ما لا يخفى وقوله تعالى (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) اعتراض بين الأمرين المتعاطفين مؤكد لإيجاب اتباع* الوحى لا سيما فى أمر التوحيد وقد جوز أن يكون حالا من ربك أى منفردا فى الألوهية (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) لا تحتفل بهم وبأقاويلهم الباطلة التى من جملتها ما حكى عنهم آنفا ومن جعله منسوخا بآية السيف حمل الإعراض على ما يعم الكف عنهم (وَلَوْ شاءَ اللهُ) أى عدم إشراكهم حسبما هو القاعدة المستمرة فى حذف مفعول المشيئة من وقوعها شرطا وكون مفعولها مضمون الجزاء (ما أَشْرَكُوا) وهذا* دليل على أنه تعالى لا يريد إيمان الكافر لكن لا بمعنى أنه تعالى يمنعه عنه مع توجهه إليه بل بمعنى أنه تعالى لا يريده منه لعدم صرف اختياره الجزئى نحو الإيمان وإصراره على الكفر والجملة اعتراض مؤكد للإعراض وكذا قوله تعالى (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أى رقيبا مهيمنا من قبلنا تحفظ عليهم أعمالهم* وكذا قوله تعالى (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) من جهتهم تقوم بأمورهم وتدبر مصالحهم وعليهم فى الموضعين* متعلق بما بعده قدم عليه للاهتمام به أو لرعاية الفواصل (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أى لا تشتموهم من حيث عبادتهم لآلهتهم كأن تقولوا تبا لكم ولما تعبدونه مثلا (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً) تجاوزا* عن الحق إلى الباطل بأن يقولوا لكم مثل قولكم لهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أى بجهالة بالله تعالى وبما يجب أن يذكر