(وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ) (١٢٤)
____________________________________
عليه لإفادة التخصيص كما فى قوله تعالى (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) الآية والأول (أَكابِرَ مُجْرِمِيها) والظرف لغو أى ومثل أولئك الكفرة الذين هم صناديد مكة ومجرموها جعلنا فى كل قرية أكابرها المجرمين أى جعلناهم متصفين بصفات المذكورين مزينا لهم أعمالهم مصرين على الباطل مجادلين به الحق ليمكروا فيها أى ليفعلوا* المكر فيها وهذا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وقوله تعالى (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ) اعتراض على سبيل* الوعد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم والوعيد للكفرة أى وما تحيق غائلة مكرهم إلا بهم (وَما يَشْعُرُونَ) حال من ضمير (يَمْكُرُونَ) مع اعتبار ورود الاستثناء على النفى أى إنما يمكرون بأنفسهم والحال أنهم ما يشعرون بذلك أصلا بل يزعمون أنهم يمكرون بغيرهم وقوله تعالى (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ) رجوع إلى بيان حال مجرمى أهل مكة بعد ما بين بطريق التسلية أن حال غيرهم أيضا كذلك وأن عاقبة مكر الكل ما ذكر فإن العظيمة المنقولة* إنما صدرت عنهم لا عن سائر المجرمين أى إذا جاءتهم آية بواسطة الرسول صلىاللهعليهوسلم (قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) قال ابن عباس رضى الله عنهما حتى يوحى إلينا ويأتينا جبريل عليهالسلام فيخبرنا أن محمدا صادق كما قالوا أو تأتى بالله والملائكة قبيلا وعن الحسن البصرى مثله وهذا كما ترى صريح فى أن ما علق بإيتاء ما أوتى الرسل عليهم الصلاة والسلام هو إيمانهم برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبما أنزل إليه إيمانا حقيقيا كما هو المتبادر منه عند الإطلاق خلا أنه يستدعى أن يحمل ما أوتى رسل الله على مطلق الوحى* ومخاطبة جبريل عليهالسلام فى الجملة وأن تصرف الرسالة فى قوله تعالى (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) عن ظاهرها وتحمل على رسالة جبريل عليهالسلام بالوجه المذكور ويراد بجعلها تبليغها إلى المرسل إليه لا وضعها فى موضعها الذى هو الرسول ليتأتى كونه جوابا عن اقتراحهم وردا له بأن يكون معنى الاقتراح لن نؤمن بكون تلك الآية نازلة من عند الله تعالى إلى الرسول حتى بأتينا بالذات عيانا كما يأتى الرسول فيخبرنا بذلك ومعنى الرد الله أعلم من يليق بإرسال جبريل عليهالسلام إليه لأمر من الأمور إيذانا بأنهم بمعزل من استحقاق ذلك التشريف وفيه من التمحل ما لا يخفى وقال مقاتل نزلت فى أبى جهل حين قال زاحمنا بنى عبد مناف فى الشرف حتى إذا صرنا كفرسى رهان قالوا منا نبى يوحى إليه والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا حتى يأتينا وحى كما يأتيه وقال الضحاك سأل كل واحد من القوم أن يخص بالرسالة والوحى كما أخبر الله تعالى عنهم فى قوله بل يريد كل امرىء منهم أن يؤتى صحفا منشرة ولا يخفى أن كل واحد من هذين القولين وإن كان مناسبا للرد المذكور لكنه يقتضى أن يراد بالإيمان المعلق بإيتاء ما أوتى الرسل مجرد تصديقهم برسالته عليه الصلاة والسلام فى الجملة من غير شمول لكافة الناس وأن تكون كلمة حتى فى قول اللعين حتى يأتينا وحى كما يأتيه الخ غاية لعدم الرضا لا لعدم الاتباع فإنه مقرر على تقديرى إيتاء الوحى وعدمه فالمعنى لن نؤمن برسالته أصلا حتى نؤتى نحن من الوحى والنبوة مثل ما أوتى رسل الله أو