(قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (٧١)
____________________________________
والأمانة والإنذار وتفصيلها وإذ منصوب باذكروا على المفعولية دون الظرفية وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة فى إيجاب ذكرها لما أن إيجاب ذكر الوقت إيجاب لذكر ما فيه بالطريق البرهانى ولأن الوقت مشتمل عليها فإذا استحضر كانت هى حاضرة بتفاصيلها كأنها مشاهدة عيانا ولعله معطوف على مقدر كأنه قيل لا تعجبوا من ذلك أو تدبروا فى أمركم واذكروا وقت جعله تعالى إياكم خلفاء (مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) أى فى مساكنهم أو فى الأرض بأن* جعلكم ملوكا فإن شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج إلى شحر عمان (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ) * أى فى الإبداع والتصوير أو فى الناس (بَصْطَةً) قامة وقوة فإنه لم يكن فى زمانهم مثلهم فى عظم الأجرام* قال الكلبى والسدى كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة القصير ستين ذراعا (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) * التى أنعم بها عليكم من فنون النعماء التى هذه من جملتها وهذا تكرير للتذكير لزيادة التقرير وتعميم إثر تخصيص (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) كى يؤديكم ذلك إلى الشكر المؤدى إلى النجاة من الكروب والفوز بالمطلوب* (قالُوا) مجيبين عن تلك النصائح العظيمة (أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ) أى لنخصه بالعبادة (وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) أنكروا عليه عليهالسلام مجيئه لتخصيصه تعالى بالعبادة والإعراض عن عبادة الأوثان انهما كافى التقليد وحبا لما ألفوه وألفوا أسلافهم عليه ومعنى المجىء إما مجيئه عليهالسلام من متعبده ومنزله وإما من السماء على التهكم وإما القصد والتصدى مجازا كما يقال فى مقابله ذهب يشتمنى من غير إراده معنى الذهاب (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب المدلول عليه بقوله تعالى (أَفَلا تَتَّقُونَ (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) * أى فى الإخبار بنزول العذاب وجواب إن محذوف لدلالة المذكور عليه أى فأت به (قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ) أى وجب وحق أو نزل بإصراركم هذا بناء على تنزيل المتوقع منزلة الواقع كما فى قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ (مِنْ رَبِّكُمْ) أى من جهته تعالى وتقديم الظرف الأول على الثانى مع أن مبدأ الشىء متقدم على* منتهاه للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم وكذا تقديمهما على الفاعل الذى هو قوله تعالى (رِجْسٌ) * مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى (وَغَضَبٌ) فربما يخل* تقديمهما بتجاوب النظم الكريم والرجس العذاب من الارتجاس الذى هو الاضطراب والغضب إرادة الانتقام وتنوينهما للتفخيم والتهويل (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ) عارية عن المسمى (سَمَّيْتُمُوها) أى سميتم بها* (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) إنكار واستقباح لإنكارهم مجيئه عليهالسلام داعيا لهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك*