(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨٥)
____________________________________
لوط عليهالسلام وقرىء برفع جواب على أنه اسم كان وإلا أن قالوا الخ خبرها وهو أظهر وإن كان الأول أقوى فى الصناعة لأن الأعراف أحق بالاسمية وأيا ما كان فليس المراد أنه لم يصدر عنهم بصدد الجواب عن مقالات لوط عليهالسلام ومواعظه إلا هذه المقالة الباطلة كما هو المتسارع إلى الأفهام بل أنه لم يصدر عنهم فى المرة الأخيرة من مرات المحاورات الجارية بينهم وبينه عليهالسلام إلا هذه الكلمة الشنيعة وإلا فقد صدر عنهم قبل ذلك كثير من النزهات حسبما حكى عنهم فى سائر السور الكريمة وهذا هو الوجه فى* نظائره الواردة بطريق القصر وقوله تعالى (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) تعليل للأمر بالإخراج ووصفهم بالتطهير للاستهزاء والسخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش والخبائث والافتخار بما هم فيه من القذارة كما هو ديدن الشطار والدعار (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ) أى المؤمنين منهم (إِلَّا امْرَأَتَهُ) استثناء من أهله فإنها* كانت تسر بالكفر (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أى الباقين فى ديارهم الهالكين فيها والتذكير للتغليب ولبيان استحقاقها لما يستحقه المباشرون للفاحشة والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن استثنائها من حكم الإنجاء كأنه قيل فماذا كان حالها فقيل كانت من الغابرين (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) أى نوعا من المطر عجيبا وقد بينه قوله تعالى (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) قال أبو عبيدة مطر فى الرحمة وأمطر فى العذاب وقال الراغب مطر فى الخير وأمطر فى العذاب والصحيح أن أمطرنا بمعنى أرسلنا عليهم إرسال المطر قيل كانت المؤتفكة خمس مدائن وقيل كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة فأمطر الله عليهم الكبريت والنار وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم وقيل أمطر عليهم ثم خسف بهم وروى أن تاجرا منهم كان فى الحرم فوقف الحجر له أربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم* فوقع عليه وروى أن امرأته التفتت نحو ديارها فأصابها حجر فماتت (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) خطاب لكل من يتأتى منه التأمل والنظر تعجيبا من حالهم وتحذيرا من أعمالهم (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) عطف على قوله (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) وما عطف عليه وقد روعى ههنا ما فى المعطوف عليه من تقديم المجرور على المنصوب أى وأرسلنا إليهم وهم أولاد مدين بن إبراهيم عليهالسلام شعيب بن ميكائيل بن يشجر بن مدين وقيل شعيب بن ثويب بن مدين وقيل شعيب بن يثرون بن مدين وكان يقال له خطيب* الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل نحس للمكاييل والموازين مع كفرهم (قالَ) استئناف مبنى