(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧)
____________________________________
الزَّكاةَ) وفيه أيضا تعريض بهم حيث كانت الزكاة شاقة عليهم ولعل الصلاة إنما لم تذكر مع إنافتها على سائر العبادات اكتفاء عنها بالاتقاء الذى هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها وترك المنكرات عن آخرها وإيراد إيتاء الزكاة لما مر من التعريض (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا) جميعا (يُؤْمِنُونَ) إيمانا مستمرا من غير* إخلال بشىء منها وفيه تعريض بهم وبكفرهم بالآيات العظام التى جاء بها موسى عليه الصلاة والسلام وبما سيجىء بعد ذلك من الآيات البينات كتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك وتكرير الموصول مع أن المراد به عين ما أريد بالموصول الأول دون أن يقال ويؤمنون بآياتنا عطفا على يؤتون الزكاة كما عطف هو على يتقون لما أشير إليه من القصر بتقديم الجار والمجرور أى هم بجميع آياتنا يؤمنون لا ببعضها دون بعض (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ) الذى نوحى إليه كتابا مختصا به (النَّبِيَّ) أى صاحب المعجزة وقيل عنوان الرسالة بالنسبة إليه تعالى وعنوان النبوة بالنسبة إلى الأمة (الْأُمِّيَّ) بضم الهمزة نسبة إلى الأم كأنه باق على حالته التى ولد عليها من أمه أو إلى أمة العرب كما قال صلىاللهعليهوسلم إنا أمة لا نحسب ولا نكتب أو إلى أم القرى وقرىء بفتح الهمزة أى الذى لم يمارس القراءة والكتابة وقد جمع مع ذلك علوم الأولين والآخرين والموصول بدل من الموصول الأول بدل الكل أو منصوب على المدح أو مرفوع عليه أى أعنى الذين أو هم الذين وأما جعله مبتدأ على أن خبره يأمرهم أو أولئك هم المفلحون فغير سديد (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً) باسمه ونعوته بحيث لا يشكون أنه هو ولذلك عدل عن أن يقال يجدون* اسمه أو وصفه مكتوبا (عِنْدَهُمْ) زيد هذا لزيادة التقرير وأن شأنه عليه الصلاة والسلام حاضر عندهم* لا يغيب عنهم أصلا (فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) اللذين تعبد بهما بنو إسرائيل سابقا ولا حقا والظرفان* متعلقان بيجدونه أو بمكتوبا وذكر الإنجيل قبل نزوله من قبيل ما نحن فيه من ذكر النبى صلىاللهعليهوسلم والقرآن الكريم قبل مجيئهما (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) كلام مستأنف لا محل له من الإعراب* قاله الزجاج متضمن لتفصيل بعض أحكام الرحمة التى وعد فيما سبق بكتبها إجمالا فإن ما بين فيه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإحلال الطيبات وتحريم الخبائث وإسقاط التكاليف الشاقة كلها من آثار رحمته الواسعة وقيل فى محل النصب على أنه حال مقدرة من مفعول يجدونه أو من النبى أو من المستكن فى مكتوبا أو مفسر لمكتوبا أى لما كتب (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) التى حرمت عليهم بشؤم ظلمهم (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) كالدم ولحم الخنزير والربا والرشوة (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) * أى يخفف عنهم ما كلفوه من التكاليف الشاقة التى هى من قبيل ما كتب عليهم حينئذ من كون التوبة بقتل