(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٥٨)
____________________________________
النفس كتعيين القصاص فى العمد والخطأ من غير شرع الدية وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب وإحراق الغنائم وتحريم السبت. وعن عطاء أنه كانت بنو إسرائيل إذا قاموا يصلون لبسوا المسوح وغلوا أيديهم إلى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها إلى السارية يحبس نفسه على العبادة وقرىء آصارهم أصل الأصر الثقل الذى يأصر صاحبه من* الحراك (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ) تعليم لكيفية اتباعه عليه الصلاة والسلام وبيان لعلو رتبة متبعيه واغتنامهم مغانم الرحمة الواسعة فى الدارين إثر بيان نعوته الجليلة والإشارة إلى إرشاده عليه الصلاة والسلام إياهم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإحلال الطيبات وتحريم الخبائث أى فالذين آمنوا بنبوته وأطاعوه* فى أوامره ونواهيه (وَعَزَّرُوهُ) أى عظموه ووقروه وأعانوه بمنع أعدائه عنه وقرىء بالتخفيف وأصله* المنع ومنه التعزير (وَنَصَرُوهُ) على أعدائه فى الدين (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) أى مع نبوته وهو القرآن عبر عنه بالنور المنبىء عن كونه ظاهرا بنفسه ومظهرا لغيره أو مظهرا للحقائق كاشفا عنها لمناسبة الاتباع ويجوز أن يكون معه متعلقا باتبعوا أى واتبعوا القرآن المنزل مع اتباعه صلىاللهعليهوسلم بالعمل بسنته* وبما أمر به ونهى عنه أو اتبعوا القرآن مصاحبين له فى اتباعه (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين من حيث اتصافهم بما فصل من الصفات الفاضلة للإشعار بعليتها للحكم وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم* وسمو طبقتهم فى الفضل والشرف أى أولئك المنعوتون بتلك النعوت الجليلة (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أى هم الفائزون بالمطلوب الناجون عن الكروب لا غيرهم من الأمم فيدخل فيهم قوم موسى عليه الصلاة والسلام دخولا أوليا حيث لم ينجوا عما فى توبتهم من المشقة الهائلة وبه يتحقق التحقيق ويتأتى التوفيق والتطبيق بين دعائه عليه الصلاة والسلام وبين الجواب لا بمجرد ما قيل من أنه لما دعا لنفسه ولبنى إسرائيل أجيب بما هو منطو على توبيخ بنى إسرائيل على استجازتهم الرؤية على الله عزوجل وعلى كفرهم بآياته العظام التى أجراها على يد موسى عليه الصلاة والسلام وعرض بذلك فى قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) وأريد أن يكون استماع أوصاف أعقابهم الذين آمنوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبما جاء به كعبد الله بن سلام وغيره من أهل الكتابين لطفا بهم وترغيبا فى إخلاص الإيمان والعمل الصالح (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) لما حكى ما فى الكتابين من نعوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرف من يتبعه من أهلهما ونيلهم لسعادة الدارين أمر عليه الصلاة والسلام ببيان أن تلك السعادة غير مختصة بهم بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من كان ببيان عموم رسالته للثقلين مع اختصاص رسالة سائر الرسل عليهمالسلام بأقوامهم وإرسال موسى عليهالسلام إلى فرعون وملئه بالآيات التسع إنما كان لأمرهم بعبادة رب العالمين عز سلطانه