(وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (١٦٣)
____________________________________
* والسلام وقوله تعالى (غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) نعت لقولا صرح بالمغايرة مع دلالة التبديل عليها قطعا تحقيقا* للمخالفة وتنصيصا على المغايرة من كل وجه (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) إثر ما فعلوا ما فعلوا من غير تأخير وفى سورة* البقرة على الذين ظلموا والمعنى واحد والإرسال من فوق فيكون كالإنزال (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) عذابا* كائنا منها والمراد الطاعون. روى أنه مات منهم فى ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) بسبب ظلمهم المستمر السابق واللاحق حسبما يفيده الجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل لا بسبب التبديل فقط كما يشعر به ترتيب الإرسال عليه بالفاء والتصريح بهذا التعليل لما أن الحكم ههنا مترتب على المضمر دون الموصول بالظلم كما فى سورة البقرة وأما التعليل بالفسق بعد الإشعار بعلية الظلم فقد مر وجهه هناك والله تعالى أعلم (وَسْئَلْهُمْ) عطف على المقدر فى إذ قيل أى واسأل اليهود المعاصرين لك سؤال تقريع وتقرير بقديم كفرهم وتجاوزهم لحدود الله تعالى وإعلاما لهم بأن ذلك مع كونه من علومهم الخفية التى لا يقف عليها إلا من مارس كتبهم قد أحاط به النبى صلىاللهعليهوسلم خبرا وإذ ليس ذلك بالتلقى من كتبهم لأنه صلىاللهعليهوسلم بمعزل من* ذلك تعين أنه من جهة الوحى الصريح (عَنِ الْقَرْيَةِ) أى عن حالها وخبرها وما جرى على أهلها من الداهية الدهياء وهى أيلة قرية بين مدين والطور وقيل هى مدين وقيل طبرية والعرب تسمى المدينة قرية* (الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) أى قريبة منه مشرفة على شاطئه (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) أى يتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم السبت وإذ ظرف للمضاف المحذوف أو بدل منه وقيل ظرف لكانت أو حاضرة وليس بذاك إذ لا فائدة فى تقييد الكون أو الحضور بوقت العدوان وقرىء يعدون وأصله يعتدون ويعدون من الأعداد حيث كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير* العبادة (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ) ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل والأول هو الأولى لأن السؤال عن عدواتهم أدخل فى التقريع والحيتان جمع حوت قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كنون ونينان لفظا ومعنى وإضافتها إليهم للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد فى سائر أفراد الجنس من الخواص الخارقة للعادة أو لأن المراد بها الحيتان الكائنة فى تلك الناحية وإن ما ذكر من الإتيان وعدمه لاعتيادها* أحوالهم فى عدم التعرض يوم السبت (يَوْمَ سَبْتِهِمْ) ظرف لتأتيهم أى تأتيهم يوم تعظيمهم لأمر السبت وهو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت السبت بالتجرد للعبادة وقيل اسم لليوم والإضافة لاختصاصهم* بأحكام فيه ويؤيد الأول قراءة من قرأ يوم أسباتهم وقوله تعالى (شُرَّعاً) جمع شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف وهو حال من حيتانهم أى تأتيهم يوم سبتهم ظاهرة على وجه الماء قريبة من الساحل* (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ) أى لا يراعون أمر السبت لكن لا بمجرد عدم المراعاة مع تحقق يوم السبت كما هو المتبادر بل مع انتفائهما معا أى لا سبت ولا مراعاة كما فى قوله [ولا ترى الضب بها ينجحر] وقرىء