* غيره (فَاحْذَرُوا) أى فاحذروا قبوله وإياكم وإياه وفى ترتيب الأمر بالحذر على مجرد عدم إيتاء المحرف من المبالغة فى التحذير ما لا يخفى. روى أن شريفا من خيبر زنى بشريفة وهما محصنان وحدهما الرجم فى التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطا منهم إلى بنى قريظة ليسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك وقالوا إن أمركم بالجلد والتحميم فاقبلوا وإن أمركم بالرجم فلا تقبلوا وأرسلوا الزانيين معهم فأمرهم بالرجم فأبوا أن يأخذوا به فقال جبريل عليهالسلام اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ووصفه له فقال صلىاللهعليهوسلم هل تعرفون شابا أبيض أعور يسكن فدك يقال له ابن صور يا قالوا نعم وهو أعلم يهودى على وجه الأرض بما أنزل الله على موسى بن عمران فى التوراة قال فأرسلوا إليه ففعلوا فأتاهم فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم أنت ابن صوريا قال نعم قال صلىاللهعليهوسلم وأنت أعلم اليهود قال كذلك يزعمون قال لهم أترضون به حكما قالوا نعم فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنشدك الله الذى لا إله إلا هو الذى فلق البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى ورفع فوقكم الطور وأنزل عليكم التوراة فيها حلاله وحرامه هل تجدون فى كتابكم الرجم على من أحصن قال نعم والذى ذكرتنى به لولا خشيت أن يحرقنى التوراة إن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك ولكن كيف هى فى كتابك يا محمد قال صلىاللهعليهوسلم إذا شهد أربعة رهط عدول أنه أدخل فيها كما يدخل الميل فى المكحلة وجب عليه الرجم قال ابن صوريا والذى أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل الله فى التوراة على موسى فوثب عليه سفلة اليهود فقال خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب ثم سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله النبى الأمى العربى الذى بشر به* المرسلون وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالزانيين فرجما عند باب المسجد (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) أى ضلالته أو فضيحته كائنا من كان فيندرج فيه المذكورون اندارجا أوليا وعدم التصريح بكونهم كذلك للإشعار بكمال* ظهوره واستغنائه عن ذكره (فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ) فلن تستطيع له (مِنَ اللهِ شَيْئاً) فى دفعها والجملة مستأنفة* مقررة لما قبلها ومبينة لعدم انفكاكهم عن القبائح المذكورة أبدا (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين من المنافقين واليهود وما فى اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلتهم فى الفساد وهو مبتدأ خبره قوله* تعالى (الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) أى من رجس الكفر وخبث الضلالة لانهما كهم فيهما وإصرارهم عليهما وإعراضهم عن صرف اختيارهم إلى تحصيل الهداية بالكلية كما ينبىء عنه وصفهم بالمسارعة فى الكفر أولا وشرح فنون ضلالاتهم آخرا والجملة استثناف مبين لكون إرادته تعالى لفتنتهم منوطة بسوء اختيارهم وقبح صنيعهم الموجب لها لا واقعة منه تعالى ابتداء (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) أما المنافقون فخزيهم فضيحتهم وهتك سترتهم بظهور نفاقهم فيما بين المسلمين وأما خزى اليهود فالذل والجزية والافتضاح بظهور كذبهم فى كتمان نص التوراة وتنكير خزى للتفخيم وهو مبتدأ ولهم خبره وفى الدنيا متعلق بما* تعلق به الخبر من الاستقرار وكذا الحال فى قوله تعالى (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) أى مع الخزى الدنيوى* (عَذابٌ عَظِيمٌ) هو الخلود فى النار وضمير لهم فى الجملتين للمنافقين واليهود جميعا لا اليهود خاصة كما قيل وتكرير لهم مع اتحاد المرجع لزيادة التقرير والتأكيد والجملتان استئناف مبنى على سؤال نشأ من تفصيل أفعالهم وأحوالهم الموجبة للعقاب كأنه قيل فما لهم من العقوبة فقيل لهم فى الدنيا الآية.